وقد ذكر الله عن الأنبياء أنهم دعوه بمصالح الدين والدنيا والآخرة، ونصوص الكتاب والسنة متظاهرة على الأمر بالدعاء، أمْرَ إيجابٍ أو أمر استحباب (^١)، فكيف يقال: إن تركه مشروعٌ لِعِلْم الرب بحال العبد؟ !
والحكاية التي تُروى عن بعض الشيوخ: أن سائلًا قال له: تنزل بي الفاقة فأسأل؟ قال: تُذَكِّر ناسيًا أو تُعَلِّم جاهلًا؟ ! قال: فأجلِسُ وأنتظِر (^٢)؟ قال: التجربة عندنا شكّ، قال: فما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة (^٣) = إما أنها كَذِب من الناقل أو خطأ من القائل، وإلا فقد قال تعالى: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٢]، وقال: ﴿رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ﴾ [الأعراف: ٥٥]، وقال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠]، وقال: ﴿(١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ﴾ (^٤) [غافر: ١٤].
(^١) انظر «الاستقامة»: (٢/ ١٢٩) للمصنف.
(^٢) (ت): «ولتنظر».
(^٣) ذكر نحو هذه الحكاية القشيري في «الرسالة»: (١/ ٣٠٥) وسياقها: «دخل جماعة على الجنيد فقالوا: أين نطلب الرزق؟ فقال: إن علمتم في أي موضعٍ هو فاطلبوه منه، قالوا: فنسأل الله تعالى ذلك. فقال: إن علمتم أنه ينساكم فذكِّروه، فقالوا: ندخل البيت فنتوكل [فننظر ما يكون]؟ فقال: التجربة شك، قالوا: فما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة».
وانظر «الإحياء»: (٤/ ٢٩١)، و«إتحاف السادة المتقين»: (٩/ ٤٩٧).
ونقل الزبيدي في «الإتحاف»: (٩/ ٤٩٧) عن أبي الحسن الشاذلي في المعنى نفسه أنه قال: «إن كان ولابد من التدبير فدبِّروا أن لا تُدبِّروا».
(^٤) هذه الآية ليست في (ت).