فإذا تمَّت له المعرفة به هَبَّت عليه أنوار اليقين شيئًا فشيئًا، حتى إذا آنست بصيرته بترادف الأنوار عليها برز اليقين عليه [بروزًا] لا يعقل فيه شيئًا (^١) مما تقدم له من أمر المنازل الثلاثة. فهناك يهيم (^٢) ما شاء الله، ثم يمدُّه الله بنور العقل الأصلي في أنوار اليقين، فيشهد موجودًا لا حدَّ له (^٣) ولا غاية، بالإضافة إلى هذا العبد، وتضمحلُّ جميعُ الكائنات فيه، فتارة يشهدها (^٤) فيه كما يشهد الينابيب (^٥) في الهواء بواسطة الشمس، فإذا انحرف نور الشمس عن الكُوَّة فلا يشهد للينابيب (^٦) أثرًا. فالشمس التي يبصر بها (^٧) هو «العقل الضروري» بعد المادة بنور اليقين.
فإذا اضمحلَّ هذا النور ذهبت الكائنات كلُّها وبقي هذا الموجود، فتارة يفنى وتارة يبقى، حتى إذا أريد به الكمال نودي (^٨) منه نداءً خفيًّا لا صوت له، فيُمد بالفهم عنهم (^٩)، إلا أن الذي تشهده غير الله ليس من الله في شيء، فهناك
(^١) العبارة في د: «عليها أبرز اليقين بروزًا لا يعقل، فينشأ مما ...».
(^٢) د: «يفهم».
(^٣) د: «فيشهده مشهود لأحواله ...» وفيه تحريف.
(^٤) (م): «يشهد ما». والإصلاح مما سيأتي، ومن د، ش.
(^٥) د: «النيابة»، ش: «البناء بيتًا».
(^٦) د: «النيابة».
(^٧) العبارة في ش: «وتارة لا يشهدها لانحراف نور الشمس عن الكوة، فالشمس التي يبصر بها ...».
(^٨) من قوله: «كلها وبقي ...» إلى هنا ساقط من د.
(^٩) د، ش: «عنه».