بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله الَّذِي أوجد الْأَشْيَاء شَرها وَخَيرهَا وَهُوَ فِي عين أهل الْحق يكون غَيرهَا وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم على من بَين نَفعهَا وضرها وعَلى آله وَأَصْحَابه وَأَتْبَاعه وأحزابه السائرين فِي السلوك سَيرهَا أما بعد فَيَقُول الملتجئ إِلَى حرم ربه الْبَارِي عَليّ بن سُلْطَان مُحَمَّد الْقَارِي إِنَّه ورد سُؤال من صَاحب حَال مضمونه أَنه قَالَ بعض المتصوفة للمريد عِنْد تلقينه كلمة التَّوْحِيد اعْتقد أَن جَمِيع الْأَشْيَاء بِاعْتِبَار بَاطِنهَا مُتحد مَعَ الله تَعَالَى وَبِاعْتِبَار ظَاهرهَا مُغَاير لَهُ وسواه فَقلت هَذَا كَلَام ظَاهر الْفساد مائل إِلَى وحدة الْوُجُود أَو الإتحاد كَمَا هُوَ مَذْهَب أهل الْإِلْحَاد فالتمس مني بعض الإخوان أَن أوضح هَذَا الْأَمر وفْق الْإِمْكَان من الْبَيَان فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَبِيَدِهِ أزمة التَّحْقِيق إِن الله ﷾ كَانَ وَلم يكن قبله وَلَا مَعَه شَيْء عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة بِإِجْمَاع الْعلمَاء خلافًا للفلاسفة وَبَعض الْحُكَمَاء مِمَّن يَقُول بقدم الْعَالم وَوُجُود بعض الْأَشْيَاء وَهُوَ مَرْدُود لقَوْله تَعَالَى ﴿الله خَالق كل شَيْء﴾ أَي مَوْجُود مُمكن فِي عَالم مشهود وَمن الْمحَال
1 / 13
أَن يكون الْحَادِث بباطنه متحدا بالقديم الموجد مَعَ أَنه مُخَالف لمَذْهَب الموحد فَإِن الإثنينية تنَافِي الْوحدَة اليقينية قَالَ الله تَعَالَى ﴿لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ فَكيف بالآلهة المتعددة وَالَّذِي يعرف من السَّادة الصُّوفِيَّة أَنهم يَقُولُونَ يَنْبَغِي للسالك أَن ينظر حَال تكَلمه كلمة التَّوْحِيد عِنْد لَا إِلَه بِنَظَر النَّفْي والفناء إِلَى السوى وَعند إِلَّا الله الثُّبُوت والبقاء إِلَى الْمولى وَقد تقرر فِي علم العقائد أَن الله ﷾ لَيْسَ محلا للحوادث فَإِن الْحُدُوث عبارَة عَن وجود لَاحق لعدم سَابق فَيكون مَعَ الْقَدِيم غير لَائِق ثمَّ الْمَقْصُود من كلمة التَّوْحِيد نفي كَون الشَّيْء يسْتَحق الْعُبُودِيَّة وَإِثْبَات الربوبية لمن لَهُ اسْتِحْقَاق الألوهية وَإِلَّا فالكفار كَانُوا عارفين للوجود ومغايرته لما سواهُ كَمَا أخبر بِهِ ﷾ عَنْهُم بقوله ﴿وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ أَي أوجد العلويات والسفليات من حيّز الْعَدَم إِلَى صفحة الْوُجُود ليَقُولن الله أَي الذَّات الْوَاجِب الْوُجُود
1 / 14
المستجمع لصفات الْجلَال والكمال من الْكَرم والجود ثمَّ اعْلَم أَن حقائق الْأَشْيَاء ثَابِتَة كَمَا قَالَ أهل الْحق لِأَن فِي نَفيهَا ثُبُوتهَا حَاصِلَة خلافًا للسوفسطائية حَيْثُ حملوها على الْأُمُور الخيالية وَيلْحق بهم الطَّائِفَة الوجودية حَيْثُ رتبوها مِمَّا عدا خَالِقهَا على الفضولات الاعتبارية نظرا إِلَى جهاتها الباطنية والظاهرية فتبعوا طَائِفَة من السوفسطائية حَيْثُ يَزْعمُونَ أَن حقائق الْأَشْيَاء تَابِعَة لاعتقاد المعتقدين فِي الْقَضِيَّة فهم بِحكم هَذِه الْمسَائِل خَرجُوا عَن الطوائف الإسلامية حَيْثُ أَنْكَرُوا الْأُمُور الحسية والأدلة الشَّرْعِيَّة الإنسية ثمَّ الْإِجْمَاع على حُدُوث الْعَالم وَهُوَ مَا سوى الله ذاتا وَصفَة فَإِن الصِّفَات لَا عين الذَّات وَلَا غَيرهَا عِنْد أهل السّنة وَقد نفت الْمُعْتَزلَة أصل الصِّفَات والأسماء تَحَرُّزًا من تعدد القدماء فَتبين أَن مقَال هَذَا الْجَاهِل مَعَ أَنه لَيْسَ تَحْتَهُ طائل مُخَالف لإِجْمَاع أهل الْإِيمَان إِذْ يلْزم من قَوْله
1 / 15
قدم بَاطِن الْأَشْيَاء وَهُوَ وَاضح الْبطلَان وَكَلَامه هَذَا قَول بعض الفلاسفة إِن الْأَشْيَاء قديمَة بذواتها محدثة بصفاتها شَبيه بِشُبْهَة الدهرية المدفوعة بِلُزُوم دوَام الممكنات بدوام بارئ الْمَخْلُوقَات وَوُجُوب أَن لَا يحصل شَيْء فِي الْعَالم من التغيرات فسبحان من يُغير وَلَا يتَغَيَّر لَا فِي الذَّات وَلَا فِي الصِّفَات ثمَّ التَّوْحِيد فِي اللُّغَة الحكم أَو الْعلم بِأَن الشَّيْء وَاحِد وَفِي الِاصْطِلَاح هُوَ تَجْرِيد الذَّات الإلهية عَن كل مَا يتَصَوَّر فِي الأفهام ويخيل فِي الأذهان والأوهام وَهَذَا معنى قَول عَليّ كرم الله وَجهه لما سُئِلَ عَن التَّوْحِيد مَا مَعْنَاهُ فَقَالَ التَّوْحِيد أَن تعلم أَن مَا خطر ببالك أَو توهمته فِي خيالك أَو تصورته فِي حَال من أحوالك فَالله تَعَالَى وَرَاء ذَلِك وَيرجع إِلَيْهِ قَول الْجُنَيْد قدس الله سره التَّوْحِيد إِفْرَاد الْقدَم من الْحُدُوث إِذْ لَا يخْطر ببالك إِلَّا حَادث فإفراد الْقدَم أَن لَا يحكم على الله بمشابهة شَيْء من الموجودات لَا فِي الذَّات وَلَا فِي الصِّفَات فَإِن ذَاته لَا تشبه الذوات وَلَا صِفَاته قَالَ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾ وَلذَا قيل وَمعنى كَون الله وَاحِدًا نفي الانقسام فِي ذَاته وَنفي التَّشْبِيه وَالشَّرِيك عَن ذَاته وَصِفَاته وَأما مَا نقل عَن بعض العارفين من أَن التَّوْحِيد إِسْقَاط الإضافات فَهُوَ بَيَان تَوْحِيد الْأَفْعَال حَيْثُ يتَعَيَّن فِيهِ أَن يسْقط عَن نظره مُلَاحظَة الْأَسْبَاب والآلات ليتضح لَهُ أَن الْخلق جَمِيعًا لَا يملكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضرا وَلَا نفعا وَلَا يملكُونَ موتا وَلَا حَيَاة
1 / 16
وَلَا نشورا ثمَّ اعْلَم أَن مَذْهَب أهل الْإِسْلَام أَن معرفَة الله تَعَالَى وَاجِبَة على جَمِيع الْأَنَام لَكِن اخْتلفُوا فِي طريقها فمذهب الصُّوفِيَّة أَن طريقها الرياضة والتخلية والتحلية وتصفية الطوية لقبُول التحلية وليستفيد الواردات وشواهد تكثيرها الَّتِي عجز الْعقل عَن تَفْسِيرهَا وَذهب جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين إِلَى أَن طريقها إِنَّمَا هُوَ النّظر وَالِاسْتِدْلَال بالأدلة النقلية من الْكتاب وَالسّنة الْمُطَابقَة للأدلة الْعَقْلِيَّة وَقَالَ بَعضهم يعرف بِالْعقلِ الْمُجَرّد الْبَاقِي على الْفطْرَة الْأَصْلِيَّة وَقَالَ بَعضهم يعرف الله بِاللَّه لَا بِغَيْرِهِ وَهَذَا أشبه بِمذهب الصُّوفِيَّة
وَعَن هَذَا قَالُوا إِن أحدا لَا يعرف الله حق مَعْرفَته وَإِن كَانَ نَبيا مُرْسلا أَو ملكا مقربا لقَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ وَكَقَوْلِه ﷾ ﴿وَلَا يحيطون بِهِ علما﴾ وَقَوله ﴿لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار﴾ وَمن هُنَا قَالَ ﷺ (لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك) وَقَالَ (لَا تَتَفَكَّرُوا فِي ذَات الله) وَقَالَ (كل النَّاس فِي ذَات
1 / 17
الله حمقى) وَمن ثمَّ قَالَ الصّديق الْأَكْبَر الْعَجز عَن دَرك الْإِدْرَاك إِدْرَاك وَورد (عَلَيْكُم بدين الْعَجَائِز) فسبحان من لَا يعرفهُ إِلَّا هُوَ وَهَذَا لَا يُنَافِي قَول أبي حنيفَة نَعْرِف الله حق مَعْرفَته لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا أوجب عَلَيْهِ من معرفَة ذَاته وَصِفَاته لَا كنه مَعْرفَته وإحاطة كمالاته وَأما قَوْله وَلَا نعبده حق عِبَادَته أَي لَا يمكننا أَن نعْبد حق طَاعَته لأَنا ضعفاء عاجزون عَن كَمَال هَذِه الْحَالة وَلَو بالإرادة حَيْثُ لَا ننفك عَن التَّقْصِير وإيقاع الْخلَل فِي الْعِبَادَة ثمَّ اعْلَم أَن الْوَاحِد والأحد من الْأَسْمَاء الْحسنى وَفرق بَينهمَا بِأَن الْأَحَد فِي الذَّات وَالْوَاحد فِي الصِّفَات فَعَن الزُّهْرِيّ أَنه لَا يُوصف شَيْء بالأحدية غير الله وَيُؤَيِّدهُ قَوْله ﴿قل هُوَ الله أحد﴾ بالعبارة الحصرية فالأحدية تخَالف مَا قَالَه الوجودية من تصور الْكَثْرَة الباطنية والظاهرية مَعَ أَن العارفين بِاللَّه يبطلون الإثنينية بِالْكُلِّيَّةِ وَيَقُولُونَ فِي التَّوْحِيد الصّرْف كَمَا ورد عَن بعض
1 / 18
الْأَحْرَار لَيْسَ فِي الدَّار غَيره ديار وَجَاء عَن بعض أَرْبَاب الشُّهُود سوى الله وَالله مَا فِي الْوُجُود كَمَا ورد فِي حزب بعض مَشَايِخنَا من قَوْله اسْتغْفر الله مِمَّا سوى الله وَهَذَا الْمَعْنى وَأَمْثَاله مُسْتَفَاد من قَوْله تَعَالَى ﴿كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه﴾ و﴿كل من عَلَيْهَا فان وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام﴾ ﴿فأينما توَلّوا فثم وَجه الله﴾ و﴿هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن﴾ أَي الأول الأزلي وَالْآخر الأبدي الظَّاهِر بصفاته الْبَاطِن فِي ذَاته ومستنبط من حَدِيث (أصدق كلمة قَالَهَا الشَّاعِر أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل) ومأخوذ من قَول عَليّ كرم الله وَجهه هُوَ مَعَ كل شَيْء لَا بمقارنة وَغير كل شَيْء لَا بمزايلة مُشِيرا إِلَى قَوْله وَهُوَ مَعكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم وَقَوله ﴿وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد﴾ وَأما أَرْبَاب الْكَمَال المتجلي عَلَيْهِم بنعت الْجلَال وَوصف الْجمال فهم جامعون بَين الْأَحْوَال لَا يحجبهم الْكَثْرَة عَن الْوحدَة والوحدة عَن الْكَثْرَة وَهَذَا معنى قَوْله ﷺ (الْمُؤمن مرْآة الْمُؤمن) فَإِن هَذِه الطَّائِفَة
1 / 19
يرَوْنَ الْخلق مرْآة الْحق أَو الْحق مرْآة الْخلق وَالْأول أظهر لِأَن الْخلق هُوَ الْمظهر فَإِنَّهُ قَالَ (كنت كنزا مخفيا) فَتدبر وَيُشِير إِلَى الْجمع بَين المرتبتين قَوْله ﷾ ﴿إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين﴾ فَإِن الْعِبَادَة إِشَارَة إِلَى التَّفْرِقَة كَمَا أَن الِاسْتِعَانَة عبارَة عَن الجمعية وَكَذَا قَوْله لَا إِلَه تَفْرِقَة وَإِلَّا الله جمعية لِأَن فِي الأول مُلَاحظَة الْكَثْرَة وَفِي الثَّانِي مُشَاهدَة الْوحدَة وَقد قَالَت الصُّوفِيَّة الجمعية بِدُونِ التَّفْرِقَة زندقة والتفرقة بِدُونِ الجمعية كفر ومفسقة وَقَالُوا إِن المريد فِي مقَام الْمَزِيد يَنْبَغِي أَن يَقُول فِي بَاطِنه عِنْد كلمة التَّوْحِيد أَولا لَا معبود إِلَّا الله وَهَذِه شَرِيعَة ثمَّ يَقُول لَا مَوْجُود إِلَّا الله وَهَذِه طَريقَة ثمَّ لَا مشهود إِلَّا الله وَهَذِه حَقِيقَة وَلَا يلْزم مِنْهُ الِاسْتِهْلَاك من عين الأحدية مَا توهمه الوجودية من عكس الْقَضِيَّة فَإِذا عرفت ذَلِك
1 / 20
مَا يعْتد الوجودية على مَا هُنَالك من نِسْبَة القَوْل الْبَاطِل الَّذِي صدر من الْقلب الغبي إِلَى الشَّيْخ مُحي الدّين بن عَرَبِيّ الله أعلم بِصِحَّة النِّسْبَة فِي الرِّوَايَة ليحكم بِكفْر قَائِله بِنَاء على مَا تَقْتَضِيه الدِّرَايَة وَهُوَ أَنه ذكر فِي الفتوحات المكية بالعبارة الردية وَهِي قَوْله سُبْحَانَ من أظهر الْأَشْيَاء وَهُوَ عينهَا وَهَذَا كَمَا ترى مُخَالف لجَمِيع أَرْبَاب النَّحْل والملل الإسلامية وموافق لما عَلَيْهِ الطبيعية والدهرية وَلذَا كتب الْعَارِف الرباني الشَّيْخ عَلَاء الدولة السمناني فِي حَاشِيَة هَذِه الْعبارَة الدنية أَيهَا الشَّيْخ لَو سَمِعت من أحد أَنه يَقُول فضلَة الشَّيْخ عينه لَا تسامحه بل تغْضب عَلَيْهِ فَكيف يسوغ الْعَاقِل أَن ينْسب إِلَى الله تَعَالَى هَذَا الهذيان تب إِلَى الله تَعَالَى تَوْبَة نصُوحًا لتنجو من هَذِه الورطة الوعرة الَّتِي يستنكف مِنْهَا الدهريون والطبيعيون واليونانيون والشكمانيون ثمَّ قَالَ وَمن لم يُؤمن بِوُجُوب وجوده فَهُوَ كَافِر حَقِيقِيّ وَمن لم يُؤمن بوحدانيته فَهُوَ مُشْرك حَقِيقِيّ وَمن لم يُؤمن بنزاهته من جَمِيع مَا يخْتَص بالممكن فَهُوَ ظَالِم حَقِيقِيّ لِأَنَّهُ ينْسب إِلَيْهِ مَا لَا يَلِيق بِكَمَال قدسه وَالظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى فِي مُحكم كِتَابه ﴿أَلا لعنة الله على الظَّالِمين﴾ وسبحانه وَتَعَالَى عَن وصف
1 / 21
الْجَاهِلين ثمَّ نقل عَن بداية أمره فِي مقَام التَّوْحِيد إِلَى الْفرق حَيْثُ كَانَ يظْهر أَن الْحُلُول كفر والاتحاد تَوْحِيد أَنه أنْشد يَعْنِي على وَجه التَّضْمِين
(أَنا من أَهْوى وَمن أَهْوى أَنا ... لَيْسَ فِي الْمرْآة شَيْء غَيرنَا)
(قد سَهَا المنشد إِذْ أنْشدهُ ... نَحن روحان حللنا بدنا)
(أثبت الشّركَة شركا وَاضحا ... كل من فرق فرقا بَيْننَا)
(لَا أناديه وَلَا أذكرهُ ... إِن ذكري وندائي يَا أَنا)
ثمَّ قَالَ فَلَمَّا وصلت إِلَى نِهَايَة مقَام التَّوْحِيد ظهر أَنه غلط مَحْض فَرَجَعت إِلَى الْحق انْتهى كَمَا نَقله مَوْلَانَا عبد الرَّحْمَن الجامي فِي كِتَابه النفحات وَهُوَ فِي نَقله من جملَة الثِّقَات وَالْحَاصِل أَنه مقَام نَاقص ابْتُلِيَ بِهِ الْمَنْصُور حَيْثُ قَالَ أَنا الْحق وَلَعَلَّ البسطامي فِي هَذَا الْحَال قَالَ لَيْسَ فِي جبتي سوى الله نعم فرق بَين قَول مَنْصُور وَقَول فِرْعَوْن أَن الْمَنْصُور غلب عَلَيْهِ
1 / 22
مُشَاهدَة الْحق حَتَّى باين عَن مُلَاحظَة الْخلق فَقَالَ مَا قَالَ وَأما فِرْعَوْن فَقَوله نَشأ من غَلَبَة رُؤْيَة نَفسه وجسمه ومطالعة كَثْرَة حشمه وخدمه وَذهل عَن مُشَاهدَة خالقه ومنعمه وكبريائه وعظمته وبهائه وَلِهَذَا اخْتلف الْعلمَاء فِي حق الْمَنْصُور وَاتَّفَقُوا على كفر فِرْعَوْن المهجور هَذَا وَقد قَالَ الإِمَام الرَّازِيّ إِن المجسم مَا عبد الله قطّ لِأَنَّهُ يعبد مَا تصَوره فِي وهمه من الصُّورَة تَعَالَى منزه عَن ذَلِك قلت فالوجودي كَذَلِك فَإِن تصَوره على وَجه تنزه سُبْحَانَهُ عَمَّا هُنَالك وَمِمَّا يدل على بطلَان مذْهبه أَنه سُئِلَ أَبُو حنيفَة عَمَّا لَو قيل أَيْن الله تَعَالَى فَقَالَ لَهُ كَانَ الله قبل أَن يخلق الْخلق وَيُقَال كَانَ الله وَلم يكن أَيْن وَلَا خلق وَلَا شَيْء وَهُوَ خَالق كل شَيْء وَأما حكم النَّبِي ﷺ عِنْد إِشَارَة الْأمة إِلَى السَّمَاء بِكَوْنِهَا مُؤمنَة فباعتبار أَنَّهَا يظنّ بهَا أَنَّهَا من عَبدة الْأَوْثَان فبإشارتها إِلَى السَّمَاء علم أَن معبودها لَيْسَ من الْأَصْنَام وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه﴾ أَي معبود فيهمَا ومتصرف فِي نفسهما وأهلهما وَأما مَا نقل عَن بعض العارفين كَانَ الله وَلم يكن مَعَه شَيْء والآن على مَا كَانَ عَلَيْهِ فَمَحْمُول على مُشَاهدَة
1 / 23
حَقِيقَة التَّوْحِيد وملاحظة حَال التفريد إِذْ لَيْسَ شَيْء مُسْتَقل فِي وجوده ومقام شُهُوده فِي نظر العرفاء كالهباء وكالسراب فِي الصَّحرَاء فَتبين الْفرق بَين الوجودية الْمَوْجُودين وَبَين الوجودية الْمُلْحِدِينَ حَيْثُ قَالَ الْأَولونَ الْوُجُود الْمُطلق هُوَ الْحق نظرا أَنه الْفَرد الْكَامِل وَقَالَ الْآخرُونَ الْوُجُود الْمُطلق لتَضَمّنه الْخلق الشَّامِل كَمَا يُشِير إِلَيْهِ قَول بَعضهم الله هُوَ الْكل وَأَنت الْجُزْء فَإِذا وصلت إِلَى مقَام الْحُضُور وَنفي الشُّعُور صرت الْكل فِي عَالم الظُّهُور وَقد تقرر فِي علم العقائد من المواقف والمقاصد أَنه ﷾ منزه من أَن يكون كلا أَو كليا فِي الْمشَاهد ثمَّ اعْلَم أَن من روى عَن أبي حنيفَة ﵀ أَن الله تَعَالَى مَاهِيَّة لَا يعرفهَا إِلَّا هُوَ فقد افترى عَلَيْهِ لِأَن الشَّيْخ أَبَا مَنْصُور الماتريدي مَعَ كَونه أعرف النَّاس بمذهبه لم ينْسب هَذَا القَوْل إِلَيْهِ وَنفى القَوْل بالماهية كَذَا فِي شرح القونوي لعمدة النَّسَفِيّ وَلَا يبعد أَن يُرَاد بالماهية الْحَقِيقَة الذاتية فَإِنَّهَا لَا يعرفهَا إِلَّا هُوَ فَمن ادَّعَاهَا حكم على جَهله
1 / 24
بهَا ثمَّ فِي كتب العقائد أَنه لَا يُقَال صِفَاته تحل ذَاته أَو تحل ذَاته صِفَاته أَو صِفَاته مَعَه أَو فِيهِ أَو مجاورة لَهُ لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ تسْتَعْمل فِي المغايرات وَلَا تغاير هُنَا بل يُقَال صِفَاته قَائِمَة بِذَاتِهِ وَصِفَاته لَا هُوَ وَلَا غَيره أما الأول فَظَاهر وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَو كَانَت غَيره لوَجَبَ أَن يكون مَعَه فِي الْأَزَل غير الله تَعَالَى وَهُوَ كفر وَلَا يجوز أَن يكون وَلَا يجوز أَن يكون بعضه لِأَن التَّبْعِيض من عَلَامَات الْحُدُوث وَلَا يجوز أَن تكون هَذِه الصِّفَات حَادِثَة لِأَن القَوْل بحدوثها يُؤَدِّي إِلَى أَن الله تَعَالَى يكون مَوْصُوفا بأضدادها فَالله تَعَالَى منزه عَن ذَلِك فَكيف هَذَا الْجَاهِل يَقُول إِن الْأَشْيَاء بباطنها مُتحد مَعَ الله فَنَقُول لَهُ قَالَ تَعَالَى ﴿فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول﴾ أَي كِتَابه وَرَسُوله فبيننا الْكتاب وَالسّنة وَقَالَ ﴿وَإِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم إِذا فريق مِنْهُم معرضون وَإِن يكن لَهُم الْحق يَأْتُوا إِلَيْهِ مذعنين﴾ فهم فِيمَا ورد فيهمَا من مُقْتَضى أهوائهم
1 / 25
معتقدون وَفِي مُخَالف آرائهم معرضون وَقد قَالَ تَعَالَى ﴿فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجا مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا﴾ وَأخْبر أَن الْمُنَافِقين يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت أَي الشَّيْطَان وَأَتْبَاعه ويزعمون أَنهم إِنَّمَا أَرَادوا إحسانا وتوفيقا فِي اتِّبَاعه كَمَا يَقُول كثير من المتكلمة والمتفلسفة وَغَيرهم إِنَّمَا نُرِيد أَن نحس الْأَشْيَاء بتحقيقها أَي ندركها ونعرفها بماهيتها وكميتها وكيفيتها وَلم يعرفوا أَن من الْأَشْيَاء مَا لَا يدْرك كنهه وَحَقِيقَته كَمَا قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَلَا يحيطون بِهِ علما﴾ ﴿لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار﴾ وَلذَا لما قَالَ فِرْعَوْن ﴿وَمَا رب الْعَالمين﴾ قَالَ مُوسَى رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فَسئلَ عَن الذَّات وَأخْبر عَن الصِّفَات لتعذر مَعْرفَته كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ﷺ بقوله (لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك) و(لَا تَتَفَكَّرُوا فِي ذَات الله وتفكروا فِي آلائه) وعد الْعَجز عَن دَرك الإدارك إدراكا وَهنا حَدِيث (لَا أَدْرِي نصف الْعلم) وَقَول
1 / 26
الْمَلَائِكَة ﴿لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا﴾ وَقَول الْأَنْبِيَاء ﴿لَا علم لنا إِنَّك أَنْت علام الغيوب﴾ ثمَّ هَؤُلَاءِ الجهلة بعقولهم الكاسدة وآرائهم الْفَاسِدَة يَزْعمُونَ أَنهم يُرِيدُونَ التَّوْفِيق بَين الدَّلَائِل الَّتِي عِنْدهم مِمَّا يسمونها العقليات وَهِي فِي الْحَقِيقَة مَحْض الجهليات وَبَين الدَّلَائِل النقلية المنقولة عَن الْكتاب وَالسّنة وَقد يتفوهون أَنهم يُرِيدُونَ التَّحْقِيق والتدقيق بالتوفيق بَين الشَّرِيعَة والفلسفة كَمَا يَقُول كثير من المبتدعة من المتنسكة والجهلة من المتصوفة حَيْثُ يَقُولُونَ إِنَّمَا نُرِيد الْإِحْسَان بِالْجمعِ بَين الْإِيمَان والإتقان والتوفيق بَين الشَّرِيعَة والحقيقة ويدسون فِيهَا دسائس مذاهبهم الْبَاطِلَة ومشاربهم العاطلة من الِاتِّحَاد والحلول والإلحاد والاتصال وَدَعوى الْوُجُود وَالْمُطلق وَأَن الموجودات عين الْحق ويتوهمون أَنهم فِي مقَام الجمعية وَالْحَال أَنهم فِي عين التَّفْرِقَة والزندقة وكما يَقُول كثير من الْمُلُوك والحكام والأمراء إِذا خالفوا فِي بعض أَحْكَام الْإِسْلَام إِنَّمَا نُرِيد الْإِحْسَان بالسياسة الْحَسَنَة والتوفيق بَينهمَا وَبَين الشَّرِيعَة المستحسنة فَكل من طلب أَن يحكم فِي شَيْء من أَمر الدّين غير مَا هُوَ ظَاهر الشَّرْع الْمُبين لَهُ نصيب من ذَلِك وَهُوَ هَالك فِيمَا هُنَالك
1 / 27
وَاعْلَم أَن نَبينَا ﷺ قد أُوتِيَ فواتح الْكَلم وخواتمه وجوامعه ولوامعه فَبعث بالعلوم الْكُلية والمعارف الأولية والآخرية على أتم الْوُجُوه فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ السالك فِي الْأُمُور الدِّينِيَّة والدنيوية والأخروية وَلَكِن كلما ابتدع شخص بِدعَة اتسعوا فِي جوابها واضطربوا فِي بَيَان خطئها وصوابها فالعلم نقطة كثرها الجاهلون وَلذَلِك صَار كَلَام الْخلف كثيرا قَلِيل الْبركَة بِخِلَاف كَلَام السّلف فَإِنَّهُ قَلِيل كثير الْبركَة وَالْمَنْفَعَة فالفضل للْمُتَقَدِّمين لَا مَا يَقُوله جهلة الْمُتَكَلِّمين إِن طَريقَة الْمُتَقَدِّمين أسلم وطريقتنا أحكم وَأعلم وكما يَقُول من لم يقدرهم قدرهم من المنتسبين إِلَى الْفِقْه أَنهم لم يتفرغوا لاستنباط وَضبط قَوَاعِده وَأَحْكَامه اشتغالا مِنْهُم بِغَيْرِهِ والمتأخرون تفرغوا لذَلِك فهم أفقه بِمَا يتَعَلَّق هُنَالك فَكل هَؤُلَاءِ محجوبون عَن معرفَة مقادير السّلف وَعَن علومهم وَقلة تكلفهم فتالله مَا امتاز عَنْهُم الْمُتَأَخّرُونَ إِلَّا بالتكلف والاشتغال بالأطراف
1 / 28
الَّتِي همة الْقَوْم مُرَاعَاة أُصُولهَا ومعاهدها وَضبط قواعدها وَشد معاقدها وهممهم مشمرة إِلَى المطالب الْعَالِيَة والمراتب الغالية فالمتأخرون فِي شَأْن وَالْقَوْم فِي شَأْن وَهُوَ ﷾ ﴿كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن﴾ و﴿قد جعل الله لكل شَيْء قدرا﴾ وَمن هُنَا قَالَ الْغَزالِيّ ضيعت قِطْعَة من الْعُمر الْعَزِيز فِي تصنيف الْبَسِيط والوسيط وَالْوَجِيز وَلِهَذَا لَا تَجِد عِنْد جهلة الصُّوفِيَّة من الْمعرفَة وَالْيَقِين فِي جَمِيع أُمُور الدّين مَا يُوجد عِنْد عوام الْمُؤمنِينَ فضلا عَن عُلَمَائهمْ الموقنين وَذَلِكَ لِأَن اشْتِمَال مقدماتهم على الْحق وَالْبَاطِل أوجب المراء والجدال وانتشر كَثْرَة القيل والقال وتولد لَهُم عَنْهَا من الْأَقْوَال الْمُخَالفَة للشَّرْع الصَّحِيح وَالْعقل الصَّرِيح مَا يضيق عَنهُ المجال واتسع كَلَامهم فِي أُمُور الْمحَال إِذا عرفت ذَلِك وَتبين لَك مَا هُنَالك من المهالك الْوَاقِعَة للسالك فِي ضيق المسالك فَاعْلَم أَن أول مَا يُؤمر بِهِ العَبْد علم التَّوْحِيد الَّذِي هُوَ عبارَة عَن الْإِيمَان والتصديق
1 / 29
وَالْإِقْرَار على وَجه التَّحْقِيق إِمَّا حَقِيقَة أَو حكما فَإِن من صلى وَلم يتَكَلَّم بِالشَّهَادَتَيْنِ اخْتلف فِيهِ الْعلمَاء الْأَعْلَام وَالصَّحِيح عندنَا أَنه يصير مُسلما بِكُل مَا هُوَ من خَصَائِص الْإِسْلَام وَلَو لم يتَكَلَّم بهما لتحقيق المرام على مَا ذكره الْعَلامَة عَليّ بن أبي الْعِزّ الْحَنَفِيّ فِي شرح عقيدة الطَّحَاوِيّ والتوحيد أول مَا يدْخل بِهِ فِي الْإِسْلَام وَآخر مَا يخرج بِهِ من الدُّنْيَا على وفْق النظام كَمَا قَالَ ﷺ (من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة) وَالْعبْرَة بالخاتمة اللاحقة لِأَنَّهَا مظهر الْقَائِمَة السَّابِقَة والتوحيد إِمَّا فِي الذَّات بِمَعْنى أَنه يعبد وَحده لَا شريك لَهُ وَإِمَّا الصِّفَات فَإِنَّهُ لَا شَبيه لَهُ فِي صِفَاته الذاتية وَإِمَّا فِي الْأَفْعَال فَإِنَّهُ الفعال لما يُرِيد وَيفْعل الله مَا يَشَاء وَهُوَ خَالق كل شَيْء فاعبدوه وَأما الجهم بن صَفْوَان وَمن وَافقه من نفات الصِّفَات حَيْثُ أدخلُوا نفي الصِّفَات فِي مُسَمّى تَوْحِيد الذَّات لِئَلَّا يلْزم
1 / 30
تعدد الْوَاجِب من القدماء فمعلوم الْفساد بِالضَّرُورَةِ عِنْد الْعلمَاء فَإِن إِثْبَات ذَات مُجَرّدَة عَن جَمِيع الصِّفَات لَا يتَصَوَّر لَهَا وجود فِي الْخَارِج وَإِنَّمَا الذِّهْن قد يتَصَوَّر الْمحَال ويتخيله وَهَذَا غَايَة التعطل وَالْمذهب الْحق هُوَ الْوسط بَين التَّشْبِيه الْمُحَقق والتنزيه الْمُطلق قَالَ شَارِح عقيدة الطَّحَاوِيّ وَهَذَا القَوْل الَّذِي هُوَ ظَاهر الْفساد قد أفْضى بِقوم إِلَى القَوْل بالحلول أَو الِاتِّحَاد وَهُوَ أقبح من كفر النَّصَارَى فِي الِاعْتِقَاد فَإِن النَّصَارَى خصوه بالمسيح من الكائنات وَهَؤُلَاء عموا جَمِيع الكائنات وَمن فروع هَذَا التَّوْحِيد أَن فِرْعَوْن وَقَومه كاملوا الْإِيمَان عارفون بِاللَّه تَعَالَى على التَّحْقِيق وَالْإِيمَان وَمن فروعه أَنه لَا فرق بَين المَاء وَالْخمر وَالزِّنَا وَالنِّكَاح فَكل من عين وَاحِدَة بل هُوَ الْعين الْوَاحِدَة وَمن فروعه أَن الْأَنْبِيَاء ضيقوا على النَّاس تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا انْتهى وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَقْوَال نسبت إِلَى الشَّيْخ ابْن عَرَبِيّ من أَنه قَالَ فِي الفصوص من ادّعى الألوهية فَهُوَ صَادِق فِي
1 / 31
دَعْوَاهُ وَمن أَنه أَبَاحَ الْمكْث للْجنب وَالْحَائِض فِي الْمَسْجِد وَأَنه لَا يحرم فرجا وَأَنه يَقُول بقدم الْعَالم وَمن أَنه قَالَ ضيق ابْن أبي كَبْشَة أَمر الدُّنْيَا على الْمُوَحِّدين وَأَن فِرْعَوْن خرج من الدُّنْيَا طَاهِرا ومطهرا وَقد ذكرت بطلَان هَذَا القَوْل فِي رِسَالَة مُسْتَقلَّة وَقعت شرحا وطرحا لرسالة جعلهَا الْجلَال الدواني تبعا لَهُ فِي هَذِه الْمَرَاتِب الأداني وَمن نظر إِلَى كتاب الفتوحات رأى فِيهَا عجائب الْمَخْلُوقَات وَقد صرح فِي الفصوص بِأَن الرياضة إِذا كملت اخْتَلَط ناسوت صَاحبهَا بلاهوت الله انْتهى وَهَذَا عين مَذْهَب النَّصَارَى حَيْثُ قَالُوا امتزجت الْكَلِمَة بِعِيسَى امتزاج المَاء بِاللَّبنِ فاختلط ناسوته بلاهوت الله سُبْحَانَهُ حَتَّى ادعو أَنه ابْن الله تَعَالَى شَأْنه وتعظم سُلْطَانه
وَقَالَ الشَّيْخ الْعَلامَة شرف الدّين ابْن المقريء وَلِهَذَا طَائِفَة من
1 / 32