Le Livre de la réfutation et de la contestation contre Al-Hasan ibn Muhammad ibn Al-Hanafiya

Hadi Ila Haqq Yahya d. 298 AH
160

Le Livre de la réfutation et de la contestation contre Al-Hasan ibn Muhammad ibn Al-Hanafiya

كتاب الرد والاحتجاج على الحسن بن محمد بن الحنفية

فأما ما سأل عنه من قوله: هل كانوا يستطيعون أن يطيعوا الله جميعا فلا يعصوه؟ فكذلك نقول: إنهم كانوا يستطيعون طاعته، كما يطيقون(1) معصيته، ولكنهم افترقت بهم الأهواء، فمنهم من اختار الإيمان والتقوى، ومنهم من اختار الضلالة والعمى، والله تبارك وتعالى إنما حكم بالنيران؛ على من اختار من الثقلين العصيان، وكره ما أنزل الرحمن. فعلم الله وقع على اختيارهم، وما يكون من أفعالهم، ولم يدخلهم في صغيرة، ولم يخرجهم من كبيرة، ولو علم أنه إذا دعاهم، وبصرهم وهداهم؛ أجابوه بأسرهم، وأطاعوه في كل أمرهم؛ إذا لأخبر بذلك عنهم، كما أخبر به عن بعضهم، وكذلك لو علم أنهم يختارون بأجمعهم المعصية؛ لحكم بالنار عليهم كلهم، كما حكم على الذين كفروا منهم.

وأما قوله سبحانه: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} فكذلك الله سبحانه، لو شاء أن يجبر العباد على طاعته جبرا، ويخرجهم من معصيته قسرا؛ لفعل ذلك بهم، (ولو فعل ذلك بهم) (2)، وحكم به عليهم؛ لم يكن ليوجد عقابا، ولا ليخلق ثوابا، ولكان الناس كلهم مصروفين لا متصرفين، ومفعولا بهم لا فاعلين، ولكنه سبحانه أراد أن لا يثيب ولا يعاقب إلا عاملا(3)، متخيرا مميزا، فأمر العباد ونهاهم، وبصرهم وهداهم، وجعل فيهم استطاعات؛ ينالون بها المعاصي والطاعات، ليطيع المطيع فيستأهل بعمله وتخيره(4) الثواب، ويعصى العاصي فيستوجب باكتسابه العقاب.

Page 457