Maître du Temps: Le Livre et le Dossier du Cas
رب الزمان: الكتاب وملف القضية
Genres
وشباب عظيمة الانتصارات يلبسون حلل العيد كل يوم،
ويقفون بجوار أبوابهم، وأيديهم مثقلة بالأزهار،
وبالنبات الأخضر من بيت حتحور.
42
والمثال هنا يوضح أن مدينة «رعمسيس» ميناء، ملئ بالخيرات مما يشير إلى الأراضي الخصبة، وأنها القريبة من موضعين بحريين هما «شيحور» و«زوف»، إضافة لمنطقة خصيبة باسم «بيت حتحور». والتوراة تقول لنا: إن بني إسرائيل عاشوا بمصر في مدينة باسم «رعمسيس»، وأنهم عبروا بحرا باسم «سوف/زوف»، وأنهم عبروا البحر في منطقة باسم «بي حيروت» وهي «بيت حتحور»، أما «شيحور» فهو موضع يتردد في التوراة كمكان بمدينة رعمسيس، كانوا يشربون منه هم وبهائمهم، فهل نهمل كل ذلك، ونلقيه جانبا، لنذهب إلى عسير مع صليبي؟ وهل لم يطالع أستاذ التاريخ المتخصص مثل تلك النماذج التي نضرب منها مجرد أمثلة سريعة لقارئ غير متخصص لا نريد أن نثقل عليه؟
ولا يفوتنا، أنه في حديثه عن حملة الفرعون «شيشانق» على مملكة «سليمان»، بعد وفاة سليمان بأربع سنوات فقط، والتي حدثتنا عنها التوراة، وذكرت أن شيشانق قد هاجم أورشليم بفلسطين ونهب كنوز الهيكل، فقد وقف «الصليبي» مع نقطة هامة، وضعها ضمن رصيده لرفض أن تكون فلسطين هي محل تلك الحملة، لتأكيد أن تلك الحملة كانت على عسير ، وتلك النقطة - وهي جديرة بالاعتبار حقا - أنه بمراجعة جداول «شيشانق» الذي ذكر فيها عدد وأسماء المدن التي استولى عليها، مع الدول التي أخضعها للسلطان المصري، لم يأت على ذكر أورشليم إطلاقا بين تلك الأسماء التي ذكرها في جدوله! لكن الدكتور صليبي وهو يمسك تلك الفجوة لينقل الحملة بكاملها إلى عسير، بيد أنه قد تغافل تماما عن دليل حاسم يؤكد دخول شيشانق أورشليم، وهو النصب التذكاري الذي عثر عليه مؤخرا بمجدو في فلسطين، ويتحدث بوضوح عن هجوم شيشانق على أورشليم،
43
وهو يملأ ذلك الفراغ الساقط في جدوله الذي اعتمده «صليبي».
التوحيد العسير
وإذا كان أستاذ التاريخ المتخصص، قد ترك الجانب التاريخي برمته، ليتعامل مع اللغة وحدها لإثبات نظريته، فهو الأمر الغريب، أما الأغرب فهو تأكيده أن التوحيد اليهودي في العبادة، قد نشأ في ذلك العصر الموغل في القدم (حوالي 1200ق.م فيما يذهب إليه)، بين تلك القبائل التي قطنت «عسير»، وهو أمر إضافة لعسر قبوله، فإنه يخالف منطق التطور التاريخي وشروطه المجتمعية والاقتصادية والسياسية، حسبما تعلمنا في فلسفة التاريخ، وقوانين الحراك الاجتماعي عبر بقية المنظومات على سلم الارتقاء التاريخي. فنحن نقبل مثلا ما أخبرنا به علم التاريخ عن الفرعون «أمنحتب الرابع» أو «أخناتون»، كأول داعية لفكرة توحيد الآلهة في إله واحد، في تاريخ الفكر الديني، (وبالمناسبة فإن الصليبي يؤخر أخناتون زمنيا عن موسى)، وقبولنا للتوحيد عند «أخناتون»، ناتج قراءة تفيد بنضوج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية آنذاك، حيث كانت الأوضاع قابلة لظهور ذلك الطارئ وتلك الطفرة، فقد تحولت الدولة المصرية المركزية إلى إمبراطورية كبرى تضم تحت جناحيها دول شرقي المتوسط، وغذى نموها الاقتصادي ذلك التراكم الثروي الذي تدفق من بقاع الإمبراطورية على مصر، والنضوج التجاري، مما أدى لوضوح طبقي بين المعالم، أما الإتاوات والضرائب والجزى التي تراكمت مع اتساع الإمبراطورية، فقد أدت إلى إفراز فوقي ينزع نحو سيادة إله واحد يرعى مصالح الطبقات السائدة ودولتها الإمبراطورية.
Page inconnue