Maître du Temps: Le Livre et le Dossier du Cas
رب الزمان: الكتاب وملف القضية
Genres
وهناك لون آخر عرف باسم «المضامدة»، تتخذ فيه المرأة خليلا أو أكثر على زوجها، وكانت تفعله نساء القبائل الفقيرة زمن القحط، فتذهب إلى السوق وتعرض نفسها على ثري يكفلها ويمنحها المال، ثم تعود بعد ذلك لزوجها بعد أن توسر بالمال الكافي لإعاشة أسرتها، وبدوره كان نكاحا بدفع العامل الاقتصادي أساسا.
ثم ألوان أخرى من النكاح البدل المعروف بتبادل الزوجات، وزواج «المقت»، وكان مكروها من العرب وأسموه المقت كراهة له، وكان يتزوج بموجبه الرجل زوجة أبيه كجزء من ميراثه عند موت ذلك الأب، وقد أبطل الإسلام هذا اللون من الزواج، هذا ناهيك عن نكاح الاستبضاع الذي يطلب فيه الرجل بذرة سيد عظيم في رحم زوجته عساه يرزق بولد عظيم.
ومن أنكحة الزنى الصريح، نكاح صاحبات «الرايات الحمر»: وهن بغايا مكة اللائي كن ينشطن في مواسم التجارة وموسم الحج ترغيبا للتجار وأهل السوق، وقد شجع أثرياء مكة صاحبات الرايات الحمر، لمزيد من الإنعاش الاقتصادي، لكنهم مع ذلك كانوا على مروءة إن حملت المرأة، حيث يلحق ولدها بما يرى أهل الفراسة والقيافة أو بضرب القداح، فيصبح ابن من تقع عليه الحظوظ.
أنكحة بالعرف
وقد تواضع العرف القبلي في ظل ظروف التشتت القبلي، والإغارة والاقتتال بين القبائل وبعضها، على لون بشع من ألوان النكاح، هو لون صريح من الاغتصاب المهين، ينزل بالقبيلة المهزومة ونسائها، حيث كان من حق المنتصر سبي النساء والاستمتاع بهن حيث تصبح ملكه بالسبي، ويصبح من حقه بيعها إن لم يجد من يفتديها منه. ومثله نكاح الإماء بالشراء والامتلاك، وهذا اللون من النكاح كان لا يعرف عددا للنساء الحريم على سرير الرجل، وهو شبيه بالزواج غير المحدد بعدد الزوجات الذي كان معرفا بدوره بين الطبقات الثرية، لكنه كان نادرا معدودا، حتى تجده في خبر أو اثنين، كما جاء عن غيلان الثقفي الذي أسلم وتحته عشر نسوة.
مكانة المرأة
حول مكانة المرأة في جاهلية العرب الأخيرة، اختلف الباحثون إزاء ما بأيديهم من معطيات تتضارب أشد التضارب، وتتناقض إلى حد عدم الالتقاء أبدا. فذهب الباحثون إلى طريقين على ذات الدرجة من التضارب والتناقض؛ منهم من رأى للمرأة في الجاهلية مكانة تتميز بها عن وضع بني جنسها عند بقية الشعوب، وأنها سمت إلى وضع السمت في المجتمع، بينما ذهب فريق آخر إلى النقيض وهبط بها إلى أسفل سافلين.
الشكل الأرقى
ومن ذهبوا بمكانة المرأة في ذلك العصر إلى مكان السمت المتميز، اعتمدوا على ما جاء بديوان العرب من أشعار، تبين كيف كانت المرأة هي الوتر الحساس في قلب كل عربي، ومبعث كل إلهام، حيث التزمت القصائد جميعها تقريبا نهجا يهيم بالمرأة ويمجدها، وما يلاحظ على المعلقات التي لا تخلو من الإشادة بالمرأة والتغزل فيها بل والفخر بها.
ويعود الاتجاه نفسه إلى المأثور العربي وما ورد من أخبار عرب الجاهلية في المصادر الإسلامية، ليجد العربي حريصا على كرامة المرأة ويعتبرها موضوع شرفه، حتى شنت من أجلها حروب، وأبرزها موقعة «ذي قار» التي انتصرت فيها ثلاث قبائل عربية متحالفة، على الفرس، بسبب رفض النعمان بن المنذر تزويج ابنته للملك الفارسي، كذلك حرب الفجار الثانية التي قامت بين قريش وهوازن تلبية لاستنجاد امرأة بآل عامر للذود عن شرفها، ولا ننسى حرب البسوس التي دامت أربعين عاما بسبب انتهاك جوار امرأة، وما قصة عمرو بن هند وعمرو بن كلثوم إلا أبرز مثل لأنفة العربي وحرصه على كرامة المرأة وعزتها.
Page inconnue