Seigneur de la révolution: Osiris et la doctrine de l'immortalité dans l'Égypte ancienne

Sayyid Qimni d. 1443 AH
176

Seigneur de la révolution: Osiris et la doctrine de l'immortalité dans l'Égypte ancienne

رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة

Genres

8

ويبدو أن ذلك كان ناتجا عن أن العقلية المصرية، ما كانت - حتى هذا الوقت - لتتطاول إلى حد تصور المساواة مع الملك، أو حتى مجرد التفكير في أن الخلود جائز للعامة كما هو جائز للملوك؛ فلا شك أن ألوهة الملك كانت ولا تزال حصنا منيعا أمام مجرد التفكير في هذا الأمر، في وقت سادت فيه قاعدة تقول: إن الخلود من حق الآلهة فقط بحكم طبيعتها، وهي طبيعة غير موجودة في البشر، بحيث كانت هذه الطبيعة الإلهية قلعة مدرعة للملوك، تلغي أي تفكير في المساواة؛ لأنه لو خلد الجميع لتساوى الجميع.

أما كيف بدأت مطالبة الشعب بحق الخلود؟ ومتى تحقق له ذلك المطلب؟ فهذا ما تجيب عليه أحداث الثورة الشعبية في منتصف الأسرة الخامسة تقريبا؛ فقد بدا جليا أن الهدوء الذي تلا دخول أوزير إلى المجمع القدسي، لم يكن سوى هدنة مؤقتة، ثوى خلالها الجمر الثوري تحت رماد من الهدوء الظاهري، بينما كانت العقيدة الأوزيرية تسري باللهيب بين الجماهير، التي وجدت بغيتها في حكام الأقاليم من نبلاء وأشراف الأسرة الخامسة، فقام هؤلاء - كما سلف

9 - بتجميع هذه الجماهير في أقاليمهم بوجه الاستبداد الملكي، بحيث استطاعوا أن يستقلوا بأقاليمهم عن العاصمة، ويناوئوها السلطان، بل وأن يقتحموا عالم أون الخالد عنوة واقتدارا، دون أي مبررات منطقية، أو تفسيرات عقائدية، اللهم إلا منطق القوة واليد الباطشة وحدهما. فاستطاع أوزير بذلك أن يتحول من الجانب السلبي إلى الجانب الإيجابي، ومن النظرية إلى التحقيق الواقعي للثورة، وكانت أهم نتائج هذه الأحداث المتلاحقة تباعا هي:

إنزال مركز الملك، والصعود بمركز النبلاء على المستوى الواقعي بعد وقوفهم في وجه الملكية كقوى مستقلة ذات سيادة.

بدخولهم العالم الخالد أوقفوا الملك معهم على قدم وساق، و«بدأت الملكية تفقد الكثير من قداستها وألوهيتها، ولم يعد يفصلها عن الشعب فاصل كبير»،

10

ومن ثم «أصبحت فكرة المساواة مقبولة من الناحية النظرية.»

11

وكما سلف، فقد وضح أن اقتران المد الثوري الأوزيري بالنبلاء، جعل هذا المد محدودا؛ فالنبلاء كقوة محافظة، لم يكن في مصلحتها القضاء كلية على سيادة رع لحساب أوزير، وإلا أعطت الجماهير سلاحا ذا حدين؛ حد باتجاه الملكية، وحد باتجاه النبلاء أنفسهم. وبذلك كان تمرد النبلاء وتكوينهم إقطاعات قوية في وجه الملكية - اعتمادا على القوى الشعبية وعقيدتها الأوزيرية - مجرد مرحلة انتقالية من الحكم المطلق إلى الثورة الشعبية الشاملة، بل إن تمرد النبلاء واستطاعتهم تحقيق ذلك واقعيا، جاء كسرا لمعنى قدسي وشرخا كان لا يمكن تصور إمكان حدوثه - في العقلية الجماهيرية - فيما قبل، وكان الشرخ الأكبر هو دخول هؤلاء النبلاء العالم الخالد، فنسفوا بذلك نظرية الخلود الإلهية من أساسها أمام أنظار الجماهير، ولم يعد الخلود كامنا في الطبيعة الإلهية وحدها، وإلا ما خلد النبلاء قط.

Page inconnue