ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور
3
صدق الله العظيم.
وهذا فوق عواء الصفارة، إيذانا بمقدم الغارة.
وبعد، فهذا ما صنعت هذه الحرب، وهو على ثقله كأهون ما تبتلى به الحروب غير المقاتلين في هذا الزمان.
على أننا لا ينبغي أن نبتئس بمجرى القدر في هذا الشهر العظيم فهو شهر الصيام، والصيام كف النفس عن الطعام والشراب، أي: عن غذاءي الحياة بعد التنفس في الهواء، وذلك - والله أعلم - ابتلاء للمؤمنين، وامتحان لمبلغ جهدهم واحتمالهم في طاعة الله، وتعويدهم الصبر على معاناة المشاق في هذه الحياة، فلا يفسدهم طول الترف والتقلب في المناعم والاسترسال في معاطاة اللذائذ، فإن هذا العيش أدعى إلى تكسر النفوس، واسترخاء العزائم وعدم القدرة على احتمال الشدائد، وإن أمة يصير بها الأمن والرخاء إلى هذا المصير، لحقيقة بالتقلص والضمور فالانقراض، والعياذ بالله!
ونحن ذيادا عن الشرف والاستقلال والحرية قد نلقى المشاق وأكثر من المشاق، فمن الخير لنا - لو تدبرنا - أن نمرن النفس من الآن في خوض المشاق ومعاناة الشدائد، حتى إذا كان يوم الردع - لا أذن الله - لاقيناه في رشد وعزم وصدق يقين:
ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
4
صدق الله العظيم.
Page inconnue