167

إذا لم يبق لنا بد من قيام فن للحزن قوي محكم، عظيم الخطر، بليغ الأثر ما دامت المصالح العامة في مصر لا تستقيم قناتها إلا بثوران الأحزان وغليان الأشجان.

وإذا كان الفن القائم لا يواتي مطالب العصر ولا يحسن الترجمة عن حاجاته، فلنعالج تحويله في رفق أو في عنف حتى يستطيع أن يقضي الحاجة، ويبلغ الطلبة، وينيل الأرب، وذلك بإطلاق أصوات النياحة في الأسباب العامة، بدل إرسالها في الشئون الخاصة، ولنوع الندبة والتعديد في ثكل الولد، وهجر الزوج، واتخاذ الضرة، وسوء بخت البنت في زواجها، وشقوة الولد وضياع السبد واللبد ... إلخ.

ونصوغ الأناظيم في انحطاط مستوى التعليم، وتدهور الأخلاق، وتعطل الشبان من حملة عليا الشهادات، وإهمال الانتفاع بمساقط مياه الخزان والأعراض عن الجد في استغلال الثروة المعدنية، ومشكلة القطن، والغلاء المصطنع، وأزمة الزواج بين الشباب، وإيثار المحسوبيات على الكفايات، ولا بأس بفرض أنشودة للموظفين المنسيين في زوايا المصالح والدواوين ... إلخ. مما لو طرى الناظمون نسجه، ورققوا لفظه وجود الملحنون لحنه، وأجروه في نغم بائس حزين كالصبا والرمل مثلا، ثم أحسن النائحات أو النائحون ترتيله وتوقيعه لأحزن وأبكى، وأشجن وأشجى، وهيج الزفرة، واستدر العبرة!

وكذلك ترقى سريعا مرافق البلاد، وتزول عنها أسباب الضعف والفساد!

وأرجو ألا تكون شخصية اللجنة التي يعهد إليها بهذا الإصلاح العظيم أو جهة الاختصاص، مما يكف عن مباشرته أو يعوق تحقيقه.

ولعل من الخير في هذا الباب أن يعجل بإنشاء كرسي لفن الحزن الحديث في كلية الآداب.

الموسيقى المصرية

قديم وجديد

من بضعة أسابيع سمعت من الراديو حديثا لصديقي المحقق الأستاذ أحمد أمين، أذاعته علينا محطة لندن.

وقد تناول الأستاذ في هذا الحديث وفي حديث قبله قديم الأدب وجديده، وعرض في الأخير عرضا يسيرا للموسيقى، خلص فيه إلى أنها تحتاج إلى نبي جديد كما أصبح الشعر يحتاج إلى نبي جديد.

Page inconnue