Pôle de plaisir dans les descriptions des moûts et des alcools
قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور
إذا ما الأشربات ذُكرن يومًا ... فهنَّ لطِّيب الراحِ الفِداء
ونشربها فتتركنا ملوكًا ... وأسدًا ما ينهنهنا اللقاء
وقال القلمس:
نهاني امرؤٌ عن لذتي أن أنالها ... فقلت دع التقييد في الشرب للخمرِ
تقضت لذاذاتي فلم تبقَ لذةٌ ... سوى شربها صهباءَ طيِّبة النشرِ
إذا ما حساها المرءُ ظلَّ مرنحًا بسورتها يهذي مرارًا ولا يدري
أروي بها نفسي فتحيا بشربها ... ولا أشتهي شرب النبيذ من التمر
ففرق بينها وبين النبيذ.
وقال سوادة بن الصامت:
الكأس همي والندى هِمَّتي ... والموت عندي شرب صفو النقيع
والعيش صفوُ الراحِ صرفًا إذا ... نادى المنادي بصلاةِ الجميع
ففرق بينها وبين النقيع ولم يعدَّه خمرًا.
وقد جاء أبو الأسود الدُّؤلي بأوضح من هذا فقال:
دعِ الخمر يشربها الغُواة فإنني ... رأيتُ أخاها مغنيًا بمكانها
فإلاَّ يكنها، أو تكنه، فإنه ... أخوها، غذته أمه بلبانها
فهؤلاء فُصحاء العرب، فرَّقوا بين عصير العنب وغيره فسمَّوه خمرًا دون سائر الأشربة، وهكذا صفتها بكل لسان وعند كل أُمةٍ. وقد أجمعوا أن قليل الخمر وكثيره حرامٌ. وأكثرهم يشرب ما دون السكر من سائر الأشربة لأنها لا تُعرف عندهم بخمر، ولو كانت خمرًا لكان القليل منها حرامًا. وقد رووا عن ابن عباس، عن النبي " ص " أنه قال: حرِّمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب. فلو أن الأشربة الشديدة كلها محرمة لما كان لقوله: حُرمت الخمر بعينها، معنىً، لأن ذلك إنما يقال لما حُرِّم وحده، فإن قال قائل: قد روينا عن جماعة من أصحاب رسول الله " ص " منهم عمر " رض " أنهم قالوا: إن الخمر من الزبيب والتمر والعسل والحنطة والشعير والذرة، وأن الخمر ما خامر العقل. وما رُوي عن أنس أنه كان يسقي عمومته من الأنصار، حتى دخل عليهم داخل فقال: إن الخمر قد حُرِّمت فأمروه بإراقتها ولم يكن خمرهم يومئذٍ إلا الفضيخ. وما شابه ذلك من الأخبار. قيل له إن هذه أخبار آحادٍ لا يثبت بها أن يُطبقوا على تحريم سائر الأشربة الشديدة لوجود اسم الخمر لها عندهم، فلما لم تُجمع المسلمون على هذه التسمية ولا اشتهرت عن العرب وجب بطلان ما ادعاه من سمَّى هذه الأشربة خمرًا إذ كانت الأسماء لا تؤخذ بالقياس. وقد صحَّ بالأخبار المتواترة أن نبيذ التمر كان فاشيًا بالمدينة يشربه أهلها غنيهم وفقيرهم ويجري عندهم مجرى أقواتهم، فلولا أنه أراد إطلاق الأشربة لهم لنصَّ عليه كما نص على الخمر لأن النص عليه أولى لشهرته وكثرة متناوليه ولقلة الخمر، فإنها لا تكاد توجد عندهم.
العلماءُ في هذه الأشربة طبقتان: طبقة تحلُّها وطبقة تحرِّمها، وتذهب في تحريمها إلى القياس على الخمر وإلى أخبار آحادٍ جاءَت بتحريمها، نحو الخبر: بأن كلَّ مسكرٍ حرام، والخبر الآخر: ما أسكر كثيره فقليله حرام. ولم يذهب أحد في تحريمها إلى أن اسمها خمر، وقد اضطربت الرواية في هذا المعنى واختلفت اختلافًا يدل على فسادها. وهو أن بعضهم روى أن الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة. وروى آخر أنه، ﵇، قال: كل مسكرٍ خمرًا، فقد صارت الخمر من مائة شيءٍ مثلًا، ومن قال أنها من شيئين كان قوله فاسدًا، وكذلك من قال أنها من خمسة أشياء. ووجه آخر يوجب بطلان قول من حمل هذه الأحاديث على ظاهرها وهو أن كل مسكرٍ حرام، منها أن اللبن الرائب يسكر كثيره كقول بشر بن أبي خازم:
فأما تميم، تميم بن مُرٍّ ... فألفاهُم القوم روبي نيامًا
قال: شربوا الرائب حتى سكروا، وليس أحد من المسلمين يُسمي اللبن خمرًا. والبنج يسكر، والنوم يسكر، وإذا جاز أن تخرج هذه الأشياء من جملة قوله: كل مسكر خمر، جاز أن تخرج سائر الأشربة الشديدة التي من عصير العنب، من جملة الخمر.
1 / 109