Nourriture des Coeurs
قوت القلوب
Enquêteur
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية - بيروت
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Lieu d'édition
لبنان
شيء وإلى أعماله لا يرى الإجابة حتى يكون ناظرًا إلى الله ﵎ وحده وإلى لطفه وكرمه، ويكون موقنًا بالإجابة، ولعمري أن من سأل الله تعالى ورغب إلىه في شيء، ورجاه ناظرًا إلى نفسه وعمله، فإنه غير مخلص في الرجاء له تعالى لشركه في النظر إليه، وإذا لم يكن مخلصًا لم يكن موقنًا، ولا يقبل الله تعالى عملًا ولا دعاء إلا من موقن بالإجابة مخلص، فإذا شهد التوحيد ونظر إلى الوحدانية فقد أخلص وأيقن، وهكذا جاء في الخبر: إذا دعوتم فكونوا موقنين بالإجابة، فإن الله تعالى لا يقبل إلا من موقن ومن داع دعاءً بينًا من قلبه، لأن من استعمله الله تعالى بالدعاء له فقد فتح له بابًا من العبادة.
وفي الخبر: الدعاء نصف العبادة ولايقبل الله تعالى من الدعاء إلا الناخلة بمعنى المنخول وهو الخالص، فأقل ما يعطيه من دعائه أن يكون ذلك حسنة منه، يضعفه له عشرًا إلى سبعمائة ضعف، وأعلاه أن يدخر له في الآخرة ماهو خير له من جيمع الدنيا وما فيها مما لم يخطر على قلبه قطّ، ويكون ذلك حسن نظر من الله تعالى له واختيار، وأوسط ذلك أن يصرف عنه من البلاء الذي هو لو كان علمه كان صرفه أهمّ عليه وأحبّ إليه مما سأل فيه، وقد روينا عن رسول الله ﷺ: ما من داع دعا موقنًا بالإجابة في غير معصية ولا قطيعة رحم، إلا إعطاه الله تعالى إحدى ثلاث؛ إما أن يجيب دعوته فيما سأل، أو يصرف عنه من السوء مثله، أو يدخر له في الآخرة ما هو خير له، وفي أخبار موسى ﵇: ياربّ أي خلقك أنت عليه أشدّ تسخطًا؟ فقال تعالى: من لم يرض بقضائي، ومن يستخيرني في أمر فإذا قضيت له كره ذلك، وفي الخبر الآخر: إنه قال ياربّ أي الأشياء أحب إليك وأيها أبغض؟ فقال ﷾: أحب الأشياء إليّ الرضا بقضائي وأبغضها إليّ أن تطري نفسك.
وروينا عن نبيّنا ﷺ: أنه قال للرجل الذي قال: أوصني فقال: لاتتهم الله تعالى في شيء قضاه عليك، وفي الخبر الآخر: أنه نظر إلى السماء وضحك ﷺ فسئل عن ذلك فقال: عجبت لقضاء الله تعالى للمؤمن في كلّ قضائه له خير، إن قضي له بالسرّاء رضي؛ وكان خيرًا له وإن قضي عليه بالضرّاء رضي به وكان خيرًا له، ومن حسن الظنّ بالله تعالى لطف التملّق له ﷾، وهو من قوة الطمع فيه، وفي خبر: حسن الظنّ بالله ﷿ من حسن عبادة الله ﷿، كما روينا في تفسير قوله تعالى: (فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ) البقرة: ٧٣ إن الكلمات هي قوله ﵇: ياربّ هذا الذنب الذي أصبته كان من قبل نفسي أو من شيء سبق في علمك قبل أن تخلقني قضيته عليّ، فقال: بل شيء سبق في علمي كتبته عليك، قال: ياربّ فكما قضيته عليّ فاغفر لي، قال: فهي الكلمات التي لقاه الله تعالى إياها.
وروينا عن النبي ﷺ: يقول الله تعالى للعبد يوم القيامة: ما منعك إذ رأيت المنكر
1 / 363