208

Nourriture des Coeurs

قوت القلوب

Chercheur

د. عاصم إبراهيم الكيالي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية - بيروت

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

Lieu d'édition

لبنان

بهوى النفس إلى العقل فرجع العقل إلى النفس فسوّلت وطوعت فسكن العقل واطمأن إلى تسويل النفس وطوعها فانشرح الصدر بالهوى لسكون العقل وانتشر الهوى في القلب لشرح الصدر وتوسعته فقوي سلطان العدوّ لاتساع مكانه فأقبل بتزيينه وغروره وأمانيه ووعده يوحي بذلك زخرفًا من التحول وغرورًا فيضعف سلطان الإيمان لقوّة سلطان العدوّ وخفاء نور اليقين فغلب الهوى لقوّة الشهوة فأحرقت الشهوة العلم والبيان فارتفع الحياء واستتر الإيمان بالشهوة فظهرت المعصية لغلبة الهوى وارتفاع الحياء، وهذان المعنيان من ظهور الخيروالشر والطاعة والمعصية فلهذه الأسباب يوجدان في طرفة عين فتصير أجزاء العبد جزأ واحدًا ومفصلاته تعود بالمراد منه فصلًا واحدًا كالبرق في السرعة بتغليب القدرة على المشيئة إذا قال جلّ وعلا له: (كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران: ٥٩. وإن أراد الله تعالى إظهار خير وإلهام تقوى من خزائن الملكوت حرّك الروح بخفي اللطف فتحركت بأمره جلّت قدرته فقدح من جوهرها نور سطع في القلب همة عالية وهمة الخير ترى بأحد ثلاثة معان لا تحصى فروعها لأن كل عبد همته في الخير مبلغ علمه ومنتهي مقامه، فأحد الأصول مسارعة إلى أمر يفرض أو ندب لفضل يكون عن عمل حال العبد أو علم يكون فطنة له أظهر عليه من مكاشفة غيب من ملك أو ملكوت، والمعنى الثالث بتحمل مباح من تصرف فيما يعني مما يعود صلاحه عليه واستراحة النفس بما أبيح له يكون نفعه لغيره أو ترويحات من الأفكار لقلبه الغائص في البحار يكون حملًا لكربه وتخفيفًا لثقله، فهذه مرافق للعبد باختيار من المعبود وحكمة من الحكيم وفي كلها رضاه ﷾ فإمضاؤها أفضل للعبد وبعضها أفضل من بعض، وهذه الأصول الستة من الخير والشر هي الفرق بين لمة الملك وبين لمة العدوّ وبين إلهام التقوى وإلهام الفجور التي هي النية والوسوسة، وهما الاختيار أو الاختبار، وقد تكون هذه المعاني مكاشفات مزيد للعبد ينظر إلى الله منها ويجد الله تعالى بما أوجده منه عندها ويكون تعريفًا من الله يتعرف إليه بها ويفتح له باب الأنس والشوق منها ثم تتفاوت العباد في مشاهدتها على حسب علوّهم في اليقين وعلى قدر قوّتهم ومكانهم من التمكين إلا أن أصول معاني الخير وأواسطها إلهام الملك والإلقاء في الروح وقوادح الأنوار في كتب الإيمان وفروعها الآخرة والعلم مما أمر به أو ندب إليه والمباح وأصول معاني الشر أضدادها أواسطها النفس والعدوّ وأسبابها الشهوة والهوى يظهرن عن الجهل ويوقعن الحجاب ويصدرن إلى عقاب. فإذا أراد الله تعالى إظهار خير من خزانة الروح حركها فسطعت نورًا في القلب فأثرت فينظر الملك إلى القلب فيرى ما أحدث الله تعالى فيه فيظهر مكانه فيتمكن على مثال فعل العدوّ في خزانة الشر، وهي النفس، والملك مجبول على الهداية مطبوع على

1 / 214