Nourriture des Coeurs
قوت القلوب
Chercheur
د. عاصم إبراهيم الكيالي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية - بيروت
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م
Lieu d'édition
لبنان
بعضه فوق بعض وهوالران الذي يتعقب الكسب فيكون عقوبة له.
قال اللَّه تعالى: (كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوايَكْسِبُونَ) المطففين: ١٤، قيل: الكاسب الخبيثة وأكل الحرام، وفي التفسير: هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب، وأصل الرين الميل والغلبة وهو التغطية أيضًا، يقال: ران عليه النعاس إذا غلبه ورانت الخمر على عقله أي غطته، ومن هذا قول عمر ﵁ في سابق الحاج فادّان معرضًا فأصبح وقد رين به أي مال به الدين فغلبه، وأصل ترادف الذنوب من إغفال المراقبة وإهمال المحاسبة وتأخير التوبة والتسويف بالاستقامة وترك الاستغفار والندم، وأصل ذلك كله هوحب الدنيا وإيثارها على أمر اللَّه ﷿ وغلبة الهوى على القلب، ألم نسمع إلى قوله ﷿: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الحيَاةَ الدٌّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ) النحل: ١٠٧ إلى قوله ﷿: (أُولِئكَ الَّذينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) النحل: ١٠٨ وقال في دليل الخطاب: (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى) النازعات: ٤٠ يعني عن إيثار الدنيا لأن صريح الكلام وقع في وصفهم بالطغيان وإيثار الحياة الدنيا، ثم قال: (طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أهْوَاءَهُمْ) محمد: ١٦، فاتباع الهوى عن طبائع القلب وطبائع القلب عن عقوبة الذنب وميراث العقاب الصمم عن فهم الخطاب، أما سمعته يقول: لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون وقد جعل علي ﵁ الغفلة مقامًا من مقامات الكفر فقال في حديثه الطويل: فقام إليه سلمان فقال: أخبرنا عن الكفر على ما بني فقال: على أربع مقامات: على الشك، والجفاء، والغفلة، والعمى، فإذا كثرت غفلة القلب قل إلهام الملك للعبد وهو سمع القلب لأن طول الغفلة يصمه عن السمع وعدم سمع الكلام من الملك عقوبة الخطايا وتثبيت الملك للعبد على الخير والطاعة وحي من اللَّه ﷿ إليهم وتفضيل للعبد، أما سمعت قول اللَّه ﷿: (إذْ يُوحي رَبُّكَ إلى المَلائِكَةِ أَنّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذينَ آمَنُوا) الأنفال: ١٢، وفي الخبر: إن آدم ﵇ حجب عن سمع كلام الملائكة فاستوحش بذلك فقال: يا رب مالي لا أسمع كلام الملائكة؟ فقال: خطيئتك يا آدم، فإذا لم يسمع العبد كلام الملائكة لم يفهم كلام الملك، وإذا لم يسمع الكلام لم يستجب للمتكلم إنما يستجيب الذين يسمعون، وقال الحسن: إن بين العبد وبين اللَّه عزّوجلّ حدًا محدودًا من الذنوب فإذا بلغه العبد طبع على قلبه فلم يوفقه للخير أبدًا فبادر أيها المجاوز للحدود بالتوبة والرجوع قبل أن تبلغ الحد فتلقى عيًا وجهدًا، وفي حديث ابن عمر الطابع معلّق بقائم عرش الرحمن فإذا انتهكت المحارم بعث اللَّه عزّوجلّ بالطابع على القلوب فأعماها وهذا هوالقفل الذي قال اللَّه ﷿: (أَفَلا يَتَدبَّرُونَ الْقُرْآنَ) النساء: ٨٢ أم على قلوب أقفالها
1 / 157