وفي قوله: (مشتق من منصة العروس) مسامحة؛ لأن المصدر لا يشتق من غيره على الصحيح، بل يشتق غيره منه، فالمنصة مشتقة من النص، فالنص لغة الرفع، فإذا ظهرت دلالة اللفظ على معناه كان ذلك في معنى رفعه على غيره، فقوله: (مشتق من منصة العروس) لم يرد به الاشتقاق الاصطلاحي، وإنما أراد اشتراكهما في المادة.
والنص عند الفقهاء يطلق على معنى آخر وهو ما دل على حكم شرعي من
كتاب أو سنة، سواء كانت دلالته نصا أو ظاهرا.
[تعريف الظاهر والمؤول]
(والظاهر ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر)، كالأسد في نحو: رأيت اليوم أسدا، فإنه ظاهر في الحيوان المفترس، لأنه المعنى الحقيقي، ومحتمل للرجل الشجاع.
والظاهر في الحقيقة هو الاحتمال الراجح، فإن حمل اللفظ على
الاحتمال المرجوح يسمى اللفظ مؤولا، وإنما يؤول بالدليل، كما قال: (ويؤول الظاهر بالدليل)، أي يحمل على الاحتمال المرجوح (ويسمى) حينئذ (الظاهر بالدليل) أي كما يسمى مؤولا كما في قوله تعالى: {والسماء بنيناها بأيد}، فإن ظاهره جمع يد، وهو محال في حق الله تعالى، فصرف عنه إلى معنى القوة بالدليل العقلي القاطع.
[باب] (الأفعال)
هذه ترجمة، والمراد بها بيان حكم أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال المصنف:
(فعل صاحب الشريعة) يعنى النبي صلى الله عليه وسلم (لا يخلو: إما أن يكون على وجه القربة والطاعة أو غير ذلك)، والقربة والطاعة بمعنى واحد.
فإن كان على وجه القربة والطاعة (فإن دل دليل على الاختصاص به يحمل على الاختصاص)، كالوصال في الصوم، فإن الصحابة لما أرادوا الوصال نهاهم صلى الله عليه وسلم عنه وقال: {لست كهيئتكم} متفق عليه.
Page 37