ـ[قرة العين بفتاوى علماء الحرمين]ـ المؤلف: الشيخ حسين إبرهيم المغربي مفتي المالكية بمكة الناشر: المكتبة التجارية الكبرى بمصر الطبعة: الأولى، ١٣٥٦ هـ - ١٩٣٧ م عدد الأجزاء: ١ [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

Page inconnue

بسم الله الرحمن الرحيم نحمدك اللهم إذ أطلعت لعلم الفتوى من سماء التحقيق شموسا وبدورا. وجعلت علماء الشريعة الغراء أرفع الناس في الدارين مكانة وحبورا وسرورا. واخترتهم لحفظ فرائض الإسلام وسنته. وأقمتهم نجوما يهتدى بهم في ظلمات الجهالات إلى منهجك القويم وسننه. وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين نصروا الحق وأظهروه. ودمغوا الباطل وأهله وأماتوه. وبعد: فيقول حسين بن إبراهيم الأزهري المالكي: قد جمعت مسائل يحتاجها قليل البضاعة مثلي عند الاستفتاء والاحتياج. والله أسأل أن يلهمنا الصواب ويجعلنا مع الحق في امتزاج. إنه أكرم مسئول وأرجى مأمول. (مقدمة) المطلوب من العلماء أن يبينوا لنا معنى اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة (الجواب) معنى العفو: أن يعفو الله عن خلقه ويصفح عنهم ويترك عقابهم إذا استحقوه، ومعنى العافية دفاع الله عن العبد، يقال: عافاه الله من المكروه معافاة وعافية: وهب له العافية من العلل والبلاء كأعفاه، ومعنى المعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك اهـ. خفاجي على الشفاء بزيادة القاموس. [مسألة] شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ كما في عدوي على الزرقاني (ما قولكم) في مباح أمر السلطان بتركه، ولي الأمر هل تجب طاعته (الجواب) سئل الأجهوري عن ذلك، فأجاب بوجوب طاعته فيه. انظر الزرقاني. [مسألة] إذا لم يوجد نص في مسألة فأفتى بعض المتأخرين بأنه يرجع فيها لمذهب أبي حنيفة؛ لأنه المسائل التي فيها خلاف بين مالك وأبي حنيفة اثنان وثلاثون مسألة فقط، وفيه نظر، بل ظاهر كلام القرافي أنه يرجع في تلك النازلة لمذهب الشافعي؛ لأنه تلميذ الإمام، كذا في حاشية الخرشي عند قول المصنف: وحيث ذكرت القولين إلخ، وقوله: اثنان وثلاثون لعله من الأصول وإلا فبينهما اختلاف كثير في الفروع كما هو معلوم. [مسألة] يجوز تقليد مذهب الغير ولو بعد الوقوع لضرورة أو لغيرها كما في الأمير على عب. [مسألة] قال الأجهوري في الفتاوى: وإذا حكم الحاكم بالقول الضعيف فلا ينقض حكمه ما لم يشتد ضعفه كالحكم بشفعة الجار ومحل مضي حكمه بالقول الضعيف؛ حيث لم يول على الحكم بغير الضعيف، والحاصل: أنه حيث إذا كانت توليته إنما هي على ما يحل العمل به وهو الراجح أو المشهور وحكم بالقول الضعيف فإنه ينقض وإن كانت توليته إنما هي على العمل بما يقتضيه رأيه فلا يجوز له الحكم بالضعيف وإذا وقع ونزل فإنه لا ينقض حكمه كما في حاشية الخرشي عند قول المصنف وحيث ذكرت قولين

1 / 3

أو أقوالا إلخ. (ما قولكم) فيمن أتلف بفتواه شيئا هل يضمن أم لا؟ (الجواب) قال عبد الباقي ﵀ في باب الغصب: فرع: لا شيء على مجتهد أتلف شيئا بفتواه أي؛ لأنه كل مجتهد مثاب أخطأ أم أصاب وضمن المقلد غير المجتهد كعلماء زماننا إن نصبه السلطان أي: أو تولى فعل ما أفتى فيه؛ لأنه كوظيفة عمل قصر فيها وإلا فقولان اهـ بتوضيح وزيادة من المجموع، قال العلامة الأمير ﵀ على عبق: واستظهر شيخنا أنه إن قصر في مراجعة النصوص ضمن وإلا فلا ولو صادف خطأ؛ لأنه فعل مقدوره ولأنه المشهور عدم الضمان بالغرور القولي ويزجر وإن لم يتقدم له اشتغال بالعلم والله أعلم. (ما قولكم) في صلة الرحم هل هي واجبة أم مندوبة (الجواب) قال عج: صلة الرحم واجبة بل حكى عياض وغيره الاتفاق على وجوبها وقطعها كبيرة وقال ابن عمر: صلة الرحم فرض بلا خلاف ومن تركها فهو عاص باتفاق ولا تجوز شهادته واختلف في الرحم الذي عليه أن يصله، فقيل: كل من يحرم عليه نكاحه من أجل القرابة، وقيل: كل من بينه وبينه قرابة، قال الشيخ زروق: قال القرافي: التي تجب صلتها كل قرابة قريبة تنشر الحرمة بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرم كالعم والخال وابن الأخ وابن الأخت وما سوى ذلك فمستحب، والصلة تحصل ولو بالسلام كما بينه الأقفهسي وبالسؤال عن الحال قال ابن عمر: لا حد في صلة الرحم إلا ما يخاف منه الانقطاع، والله ولي التوفيق. (ما قولكم) فيمن ارتكب ذنبا ومات قبل مضي ثلاث ساعات ولم يتب مما ارتكبه فهل يموت عاصيا ويكتب عليه ذنب ما ارتكبه أم لا؟ (الجواب) سئل عن هذا عج فأجاب بقوله: ورد في رواية أن الشخص إذا عمل ذنبا ينتظر ست ساعات فإن استغفر منها كتب له صاحب اليمين حسنة وإلا كتب عليه صاحب الشمال سيئة، وفي رواية أنه ينتظر سبع ساعات وقد ذكر الروايتين الحافظ السيوطي ﵀، فإذا مات قبل مدة الانتظار ولم يتب لم يكتب عليه والله أعلم. (ما قولكم) في الشريف هل هو أفضل من العالم أم العالم أفضل؟ (الجواب) الشريف أفضل من العالم من حيث النسب والعالم أفضل من حيث العلم، وفضيلة العلم تفوق فضيلة النسب. كذا في فتاوى الأجهوري. والله أعلم. [مسألة] من أمه شريفة له شرف دون من أبوه شريف كما قاله ابن عرفة ومن وافقه قال العلامة الأمير: وما قاله ابن عرفة لا ينبغي أن يختلف فيه والله أعلم. (ما قولكم) في التسمية بعبد النبي هل يجوز أم لا؟ (الجواب) في فتاوى العلامة المذكور: لم أر لأصحابنا حرمة التصريح بالتسمية بعبد النبي لكن مقتضى كلامهم كراهة التسمية به، وسئل السبكي الشافعي عن التسمية فأجاب بالمنع خوف التشريك من الجهلة باعتقاد أو ظن حقيقة العبودية وتردد فيما إذا قصد به التشريف، ومال الأذرعي للجواز حينئذ قال الدميري: الأكثر على المنع خشية التشريك

1 / 4

كعبد الدار وعبد الكعبة انتهى. وقد تقرر في مذهبنا أن المسألة إذا لم يوجد فيها نص يرجع لمذهب الشافعي، وأجاب العلامة الشبراوي الشافعي بقوله: المعتمد الجواز ولا يجب على من يسمى بهذا الاسم تغيير اسمه ولا يستحب، والله أعلم. [مسألة] يجوز تسمية الكافر والمبتدع والفاسق إذا لم يعرف إلا بها أو خيف من ذكره باسمه فتنة، وذكر القرافي ما يفيد أنه لا يحرم مخاطبة الذمي بنحو معلم. اهـ فتاوى عج. [مسألة] في التوضيح ذكر أبو المعالي أن مالكا كثيرا ما يبني مذهبه على المصالح، وقد قال: إنه يقتل ثلث العامة لمصلحة الثلثين، وفي عب أن معناه: قتل ثلث مسلمين مفسدين لإصلاح ثلثين مفسدين حيث تعين القتل طريقا لإصلاح الثلثين دون الحبس أو الضرب وإلا منع صونا للدماء، والمراد بالإفساد تخريب أماكن الناس وقيام بعضهم على بعض ثم إن الظاهر أن الإمام أو نائبه يخير في تعيين الثلث من جميع المفسدين بالمعنى الأول للقتل مع نظره بالمصلحة فيمن هو أشد فسادا من غيره، وقولي: ثلث مفسدين هو الصواب خلافا لما سرى لبعض الأوهام من جواز قتل ثلث من أهل الصلاح لإصلاح ثلثين مفسدين؛ لأنه غلط فاحش، وانظر لو كان لا يحصل إصلاح المفسدين إلا بقتل أكثر من ثلث مفسدين والظاهر عدم ارتكابه صونا للدماء اهـ. وفي الأمير قال المازري: وهذا الذي حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح انتهى. ونقله الحطاب وزاد بعده عن شرح المحصول: أن ما ذكره إمام الحرمين عن مالك لا يوجد في كتب المالكية فتأمله، قال سيدي محمد بن عبد القادر الفاسي: هذا الكلام لا يجوز أن يسطر في الكتب لئلا يغتر به بعض ضعفة الطلبة وهو لا يوافق شيئا من القواعد الشرعية، قال الشهاب القرافي: ما نقله إمام الحرمين عن مالك: المالكية ينكرونه إنكارا شديدا ولم يوجد ذلك في كتبهم إنما نقله المخالف وهم لم يجدوه أصلا، وقال ابن الشماع: ما نقله إمام الحرمين لم ينقله أحد من علماء المذهب وما ذكره في التوضيح عن المازري أنه قال: هذا الذي حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح إنما ترجع فيه الإشارة إلى أول الكلام وهو أن مالكا كثيرا ما يبني مذهبه على المصالح لا إلى قوله بأثره وقد قال: إنه يقتل ثلث العامة لإصلاح الثلثين أو أنه حمله على مسألة تترس الكفار بالمسلمين، ثم إن في قوله إن مالكا يبني مذهبه على المصالح نظر؛ فإن المخالفين ينسبون ذلك لمالك والمالكية يأبون ذلك على وجه يختص به حسبما تقرر ذلك في علم الأصول. والذي ذكره العلماء وتبرءوا منه في هذا النقل هو حمله على الإطلاق والعموم حتى يجري في الفتن الواقعة بين المسلمين عياذا بالله وما يشبه ذلك. وفي بن: وما قاله شارحنا من جواز قتل الثلث المفسدين حيث تعين طريقا لإصلاح الباقي غير صحيح ولا يحل أن يقال به فإن الشارع إنما وضع لإصلاح المسلمين إقامة الحدود عند ثبوت موجباتها ومن لم تصلحه السنة فلا أصلحه الله ومثل هذا التأويل الفاسد هو الذي يوقع

1 / 5

كثيرا من الظلمة المفسدين في سفك دماء المفسدين نعوذ بالله من شرور أنفسنا وفي الحديث: «من شارك في دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة جيء به يوم القيامة وبين عينيه آيس من رحمة الله» ولما ذكر اللخمي أن المَرْكَبَ إذا ثقل بالناس وخيف عليه الغرق يقترعون على من يرمى والرجال والنساء والعبيد وأهل الذمة في ذلك سواء، قال ابن عرفة عقبه: تعقب غير واحد نقل اللخمي طرح الذمي لنجاة غيره وربما نسبه بعضهم لخرق الإجماع. وقال بعضهم: لا يرمى الآدمي لنجاة الباقين ولو كان ذميا. وقال ابن الحاجب: إذا خيف على المركب طرح ما ترجى به نجاتها غير الآدمي بإذنهم وبغير إذنهم ويبدأ بما ثقل جسمه وعظم جرمه. انتهى. وقد تبع إمام الحرمين على نقله المذكور تلميذه الغزالي في المنخول وغض بذلك في حق مالك وأتبعه بإساءة الأدب على أبي حنيفة جدا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ وقد اتفق لي في يوم عيد عند بعض أشياخنا رؤية ما ذكر في المنخول فتأسفت بما قال في حق أبي حنيفة فما هو إلا أن وضعت كتاب المنخول من يدي وكان بين أيدينا كتب ننظر فيها فوقع في يدي تفسير البيلي فرأيت فيه تشنيعا كبيرا على إحياء علوم الدين وما فيه من الأحاديث الموضوعة فأخذتني من ذلك عبرة وقلت جزاءا وفاقا ولا يغتر بما لعج هنا فإنه مثل ما لشارحنا اهـ بحذف. (ما قولكم) في كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء وما الفرق بينهما؟ وهل يصح أن يقال كلما جاز أن يصدر معجزة لنبي جاز أن يصدر كرامة لولي مطلقا أو في المسألة تفصيل؟ أفيدوا الجواب (الجواب) اعلم أن المعجزة هي الأمر الخارق للعادة إن وقع بعد النبوة والكرامة هي الأمر الخارق للعادة يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبي كلف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل علم بها أو لم يعلم، وليست في وقوعها التباس النبي بغيره للفرق بين المعجزة والكرامة؛ لأنه المعجزة يجب إظهارها معها دعوى النبوة دون الكرامة فيجب على الولي أن يخفيها إلا عند ضرورة أو لتقوية يقين بعض المريدين كما غرف بعضهم عسلا من الجو ووضعه في يد مريده وبعضهم أرى غيره الكعبة من بلاد بعيدة فكل ما وقع معجزة للأنبياء جاز وقوع مثله كرامة للأولياء إلا إنزال القرآن وطلوع السماء بالجسد يقظة كما روي أن الأسود العنسي لما ادعى النبوة طلب أبا مسلم الخولاني فقال له: اشهد أني رسول الله فقال: لا، قال: اشهد أن محمدا رسول الله قال: نعم، فأمر بنار فألقي فيها فوجدوه قائما يصلي وقد صارت عليه بردا وسلاما فكان عمر بن الخطاب يقول: الحمد لله الذي لم أمت حتى رأيت من أمة محمد من فعل به كما فعل بإبراهيم الخليل. اهـ. ملخصا من عبد السلام والسحيمي على الجوهرة وفي فتاوى ابن حجر الحديثية أن كرامة الولي من بعض معجزات النبي ولما كان متصفا بعظيم اتباعه أظهر الله بعض خواص النبي على يدي

1 / 6