وما يروى عن الإمام علي في أحقيته بالخلافة، فهو لا يتجاوز كونه كان يرى أنه الأولى، فقد روي عنه أنه قال: «اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم فإنهم قد قطعوا رحمي، وأكفؤوا إنائي، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري»(1). وقوله: «لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى»(2). وهذا موقف لم يكتمه الإمام علي، بل صرح به لأبي بكر بوضوح، فقد روى البخاري أن عليا استدعى أبا بكر بعد وفاة فاطمة، وقال له: «إننا لم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا، فاستبددت به علينا فوجدنا في أنفسنا»(3). أما عمر بن الخطاب فبرر عدم ترشيح علي بن أبي طالب بقوله لابن عباس: « إن العرب كرهت أن تجتمع لكم النبوة والخلافة»(4).
ورغم كل ما جرى فإن أن أحداث السقيفة بما فيها من سلبية قد طوقت، فلم تؤد يومها إلى تفرق وشقاق؛ لأن التأثير الروحي الذي غرسه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نفوس أصحابه كان لا يزال في قمته .
وبهذا يتبين أن ما حدث في السقيفة لم يكن تشريعا مقدسا، ولا مؤامرة محبوكة، وأن من صار خليفة سابقا أو لاحقا فإنما كان ذلك نتيجة لاختيار الناس وبيعتهم، ولا دخل للنصوص في شيء من ذلك، ولكن القراءة الانتقائية والعرض المبتور للأحداث يؤدي حسب الطلب إلى تشكيل تصور من هذا القبيل أو ذاك.
Page 28