ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
Maison d'édition
مكتبة دروس الدار
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
Lieu d'édition
الشارقة - الإمارات
Genres
الْمَعْنَى وَاتِّبَاعِهِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٧١)﴾ [البقرة]
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)﴾ [الفرقان]
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (١٦)﴾ [محمد] وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
وَهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ سَمِعُوا صَوْتَ الرَّسُولِ ﷺ وَلَمْ يَفْهَمُوا وَقَالُوا: مَاذَا قَالَ آنِفًا؟ أَيْ السَّاعَةَ؛ وَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يَفْقَهْ قَوْلَهُ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾. فَمَنْ جَعَلَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ غَيْرَ عَالِمِينَ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِيمَا ذَمَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ فَسَّرُوا لِلتَّابِعِينَ الْقُرْآنَ؛ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ: عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهُ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا. (^١) وَلِهَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ (^٢).
وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ يَقُولُ: لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ
_________
(^١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ١٥٤) رقم (٣٠٢٨٧) وأحمد في فضائل الصحابة (١٨٦٦) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ ثَلَاثَ عَرْضَاتٍ أَفْقَهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ» ورواه أحمد في فضائل الصحابة (١٨٦٧) عن شَرِيكٍ: وسئل أَيُّ الرَّجُلَيْنِ كَانَ أَعْلَمَ بِالتَّفْسِيرِ مُجَاهِدٍ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ مُجَاهِدٌ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ». وفي فضائل الصحابة لأحمد أيضا (١٨٦٨) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ يَعْنِي أَبَا سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبَ، عَنْ خُصَيْفٍ قَالَ: قَالَ لِي مُجَاهِدٌ:، «قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَقِفُهُ عَلَى كُلِّ آيَةٍ». ورواه الدارمي (١١٦٠) والطبري في التفسير "جامع البيان ط هجر (١/ ٨٥، و٣/ ٧٥٥) "، والطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٧٧) رقم (١١٠٩٧) - ومن طريقه الضياء في المختارة (١٣/ ٧٦) وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٣/ ٢٧٩) والحاكم في المستدرك (٣١٠٥) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَقَدْ عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ أَسْأَلُهُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَفِيمَ كَانَتْ؟ … إلخ وعند الحاكم تصريح ابن إسحاق بالسماع.
(^٢) رواه الطبري (١/ ٨٥)
1 / 73