ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

Gazi bin Salim Aflih d. Unknown
39

ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

Maison d'édition

مكتبة دروس الدار

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م

Lieu d'édition

الشارقة - الإمارات

Genres

ورسوله» (^١). فسمَّى الله -جل وعلا- قولهم مثل ذلك إيمانًا؛ لأنه قال: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ﴾ فالله أمر المؤمنين بالقول. ثم تأمل قول الله ﷾: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ [غافر: ٨٤ - ٨٥] هذه الآية في قوم نطقوا بالإيمان بألسنتهم، لكنهم أتوا به في غير وقته، فلم ينفعهم انتقالهم من الكفر إلى الإيمان؛ لأنهم قالوا ذلك لما رأوا بأس الله وعذابه. وقد جاء في الصحيحين قول النبي ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» (^٢) الحديث. فهذا بيان أنه لا بُدَّ في الإيمان من قول اللسان؛ فالحديث أصل في دخول الأعمال والأقوال في مسمَّى الإيمان. وكما هو معروف من قصة أسامة بن زيد ﵄ حِبِّ رسول الله ﷺ وابن حبِّه- لما بعثه رسول الله ﷺ إلى الحرقة من جهينة، قال أسامة: فصبَّحْنا القوم، فهزمناهم، ولحقت أنا ورجلٌ من الأنصار رجلًا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكفَّ عنه الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي ﷺ فقال لي: «يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟» قال: قلتُ: يا رسول الله، إنما كان مُتَعَوِّذًا، قال: فقال: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟» قال: فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم (^٣). وعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ ﵁، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِي، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ، أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ قَالَ: رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَقْتُلْهُ» قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ قَطَعَ يَدِي، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا، أَفَأَقْتُلُهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا

(^١) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٣/ ٧٧) (^٢) أخرجه البخاري (١٣٩٩)، مسلم (٢٠) من حديث أبي هريرة ﵁. والبخاري (٢٥) ومسلم (٢٢) من حديث ابن عمر ﵁. والبخاري (٣٩٢) عن أنس ﵁. وهو بلفظ: «… حَتَّى يَشْهَدُوا …». (^٣) البخاري (٤٢٦٩، ٦٨٧٢)، مسلم (٩٦) من حديث أسامة ﵁.

1 / 44