ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
Maison d'édition
مكتبة دروس الدار
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
Lieu d'édition
الشارقة - الإمارات
Genres
وقال الحافظ شمس الدين ابن القيم ﵀: فَسُورَةُ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾: مُتَضَمِّنَةٌ لِتَوْحِيدِ الِاعْتِقَادِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَمَا يَجِبُ إِثْبَاتُهُ لِلرَّبِّ تَعَالَى مِنَ:
• الْأَحَدِيَّةِ الْمُنَافِيَةِ لِمُطْلَقِ الْمُشَارَكَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ،
• وَالصَّمَدِيَّةِ الْمُثْبِتَةِ لَهُ جَمِيعَ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي لَا يَلْحَقُهَا نَقْصٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ،
• وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الَّذِي هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الصَّمَدِيَّةِ، وَغِنَاهُ وَأَحَدِيَّتِهِ،
• وَنَفْيِ الْكُفْءِ الْمُتَضَمِّنِ لِنَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ وَالتَّنْظِيرِ،
فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّورَةُ:
• إِثْبَاتَ كُلِّ كَمَالٍ لَهُ، وَنَفْيَ كُلِّ نَقْصٍ عَنْهُ،
• وَنَفْيَ إِثْبَاتِ شَبِيهٍ أَوْ مَثِيلٍ لَهُ فِي كَمَالِهِ، وَنَفْيَ مُطْلَقِ الشَّرِيكِ عَنْهُ،
وَهَذِهِ الْأُصُولُ هِيَ مَجَامِعُ التَّوْحِيدِ الْعِلْمِيِّ الِاعْتِقَادِيِّ الَّذِي يُبَايِنُ صَاحِبُهُ جَمِيعَ فِرَقِ الضَّلَالِ وَالشِّرْكِ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ:
فَإِنَّ الْقُرْآنَ مَدَارُهُ عَلَى الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ،
وَالْإِنْشَاءُ ثَلَاثَةٌ: أَمْرٌ، وَنَهْيٌ، وَإِبَاحَةٌ.
وَالْخَبَرُ نَوْعَانِ: خَبَرٌ عَنِ الْخَالِقِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَخَبَرٌ عَنْ خَلْقِهِ.
فَأَخْلَصَتْ سُورَةُ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ الْخَبَرَ عَنْهُ، وَعَنْ أَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ، فَعَدَلَتْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَخَلَّصَتْ قَارِئَهَا الْمُؤْمِنَ بِهَا مِنَ الشِّرْكِ الْعِلْمِيِّ، كَمَا خَلَّصَتْ سُورَةُ ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ مِنَ الشِّرْكِ الْعَمَلِيِّ الْإِرَادِيِّ الْقَصْدِيِّ.
وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَهُوَ إِمَامُهُ وَقَائِدُهُ وَسَائِقُهُ، وَالْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَمُنْزِلُهُ مَنَازِلَهُ، كَانَتْ سُورَةُ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ. وَالْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ تَكَادُ تَبْلُغُ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ ا. هـ (^١)
(^١) زاد المعاد في هدي خير العباد (١/ ٣٠٦)
1 / 149