136

ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان

Maison d'édition

مكتبة دروس الدار

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م

Lieu d'édition

الشارقة - الإمارات

Genres

الله ﷾. فقول بعض الناس: "إن المعنى: وجاء أمر الله أو وجاءت ملائكة الله" فهذا تحريف للنصوص. وهكذا في قول النبي ﷺ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا ﵎ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» (^١) يقول بعضهم: "ينزل أي: تنزل رحمته أو ينزل أمره أو ملائكته" وهذا تحريف للمعنى الصحيح، بل إن في هذا الحديث إثباتَ نزولِ الله إثباتًا يليق بجلاله وعظمته. قاعدة أهل السنة في هذا الباب: والقاعدة في باب الأسماء والصفات كما تقدم تجري على ما أمر الله -جل وعلا- في قوله سبحانه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)﴾ [الشورى]. فعلى هذا يسير أهل السنة والجماعة من لدن الصحابة والتابعين لهم بإحسان كالأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وغيرهم من أئمة الإسلام في القرون الثلاثة المفضلة. والمقصود أنَّ من الإيمان بالله الإيمانَ بأسمائه وصفاته إيمانًا صحيحًا يجري على وَفْقِ ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان دون الدخول في شقشقات علماء الكلام وغيرهم من الذين حرَّفوا الكلم عن مواضعه. قصة لعبد الرحمن بن مهدي في رفع الشبهة في باب الأسماء والصفات: وقد روى اللالكائي وأبو نعيم عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: لِفَتًى مِنْ وَلَدِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيِّ: «مَكَانَكَ». فَقَعَدَ حَتَّى تَفَرَّقَ النَّاسُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: «يَا بُنَيَّ، تَعْرِفُ مَا فِي هَذِهِ الْكُورَةِ مِنَ الْأَهْوَاءِ، وَالِاخْتِلَافِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَجْرِي مِنْكَ عَلَى بَالٍ رَخِيٍّ إِلَّا أَمْرَكَ، وَمَا بَلَغَنِي؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ لَا يَزَالُ هَيِّنًا مَا لَمْ يصَلْ إِلَيْكُمْ، يَعْنِي السُّلْطَانَ، فَإِذَا صَارَ إِلَيْكُمْ جَلَّ وَعَظُمَ»، قَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، وَمَا ذَاكَ قَالَ: «بَلَغَنِي أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ فِي الرَّبِّ وَتَصِفُهُ وَتُشَبِّهُه»، قَالَ: الْغُلَامُ: نَعَمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ، نَظَرْنَا فَلَمْ نَرَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ شَيْئًا أَحْسَنَ وَلَا أَوْلَى مِنَ الْإِنْسَانِ، فَأَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِي الصِّفَةِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رُوَيْدَكَ يَا بُنَيَّ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوَّلَ شَيْءٍ فِي الْمَخْلُوقِ، فَإِنْ عَجَزْنَا عَنِ الْمَخْلُوقِ فَنَحْنُ عَنِ الْخَالِقِ أَعْجَزُ، أَخْبِرْنِي عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنِيهِ شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: (سَمِعْتُ

(^١) البخاري (٧٤٩٤) واللفظ له، ومسلم (٧٥٨) عن أبي هريرة ﵁.

1 / 142