فمد «الشيخ سيد» ذراعه وأشار ناحية الشرق: من هنا ...!
وسأل الضابط بعد أن نهض من مكتبه وأقبل نحوه يربت على كتفه كأنه يفحص حيوانا أليفا: وماذا يفعل هناك؟
فأجاب الشيخ سيد في حماس: يحارب الكفرة.
فرفع الضابط حاجبيه من الدهشة وعاد يسأل: ومن هم؟
الصينيون؟ فصاح الشيخ سيد وهو يعجب من جهله: لا، العسكر واليهود! - وهل هو هناك، من زمان؟ - من ألف سنة!
وضع الضابط يده على فمه، ثم وضعها على بطنه.
وقال بعد لحظة: يا سلام! لا بد أنه أفناهم عن آخرهم، متى يعود؟!
فبرقت عينا الشيخ سيد: هل تشك في عودته؟ إنه سيعود حتما، سيعود ليمحق الكفرة، سيعود راكبا.
فقاطعه الضابط: حمارا؟!
فاستنكر الشيخ سيد ما يبديه محدثه من الامتهان لمقام السلطان وصاح غاضبا: ما هذا؟ هل يعقل أن يركب السلطان حمارا؟ إنه يركب فرسا أبيض، ويلبس أبيض في أبيض، على رأسه، ولم يشك الضابط في أنه قد بدأ يهذي، وأراد أن يسأله سؤالا أخيرا: وهل السلطان هو أبوك حقا؟ فهاج الشيخ سيد، وتهدج صوته وهو يصيح: إنه أبي، وأب جميع الناس، يحبهم، ويحبونه، وحين يرونه قادما على ظهر فرسه الأبيض الأصيل يجرون نحوه، من البيوت والحقول والأسواق، سيقبلون قدميه ويقولون له: شرفت بلدنا يا مولانا السلطان.
Page inconnue