222

قصص من التاريخ

قصص من التاريخ

Maison d'édition

دار المنارة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

العاشرة

Année de publication

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

Lieu d'édition

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

عينيه الهامدتين فمسح دمعة خال أنها تترقرق فيهما، وأقبل على أصحابه فقال لهم: ألا تسمعون التكبير؟ والله لقد كبر المسلمون مثل ذلك من قبل في ليالي الهجرة الأولى، وارتجّت لتكبيرهم حرّتا المدينة وتمايد نخيلها، وأشرق وجه رسول الله ﷺ لولادة هذا الرجل الذي يكبّر المسلمون اليوم لموته!
«رحمة الله عليك يا أبا خبيب. أما والله لقد كنتُ أنهاك عن هذا، ولقد كنتَ والله صوامًا قوامًا وَصولًا للرحم» (١).
* * *
لما أقدم عبد الله تساقط الشاميون تحت سيفه كما تتساقط أوراق الخريف وانزاحوا من بين يديه، ولكن رجلًا ممن عجز عن مواجهته في المعمعة ومقابلته بالسيف قذفه بآجرّة ضخمة، فعل الجبان الرعديد، فأصاب بها وجهه وهشمه.
أحس عبد الله كأن أعصابه كلها قد مزقت واستُلّتْ من جسمه دفعة، وشعر في رأسه بأشد من لذع النار، ودار الكون من حوله، وتداخلت في عينيه المشاهد، فزاغ بصره ولم يعد يرى شيئًا، ثم هوى ...
ولكنه (٢) نهض بعد لحظة واحدة، نشيطًا سليمًا يكاد يتوثب من الصحة والنشاط، فأقدم مجالِدًا فلم يعرض له أحد، فعجب

(١) بين الأقواس جملة من التاريخ.
(٢) من هنا بدأت الصورة التي تصورها الكاتب لحياة الشهيد.

1 / 229