219

قصص من التاريخ

قصص من التاريخ

Maison d'édition

دار المنارة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

العاشرة

Année de publication

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

Lieu d'édition

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

أهله فردهم على أعقابهم، فكان يحمل مرة ها هنا ومرة ها هنا، حتى ارتفع الضحى ولم يقر الشيخ ولم يهدأ ... فأحس بالونى في أعصابه وكلت يداه. وأي رجل يستطيع أن يجالد مثل هذا الجِلاد، وأي رجل يقدر أن يقف وحده في وجه هذا السيل الطامي من البشر؟ وكلما أزاح من طريقه واحدًا حلّ مكانه مئة. فوقف لحظة يستريح، وتلفت فإذا هو بابن صفوان لم يفارقه. فقال له: «أبا صفوان، ويل أمه فتحًا لو كان له رجال! والله لو كان قرني واحدًا كفيته» (١).
فيقول أبو صفوان: إي والله، وألف!
وتدور رحى الحرب من جديد، قد دفعها الحجاج دفعة انطلقت على إثرها مدوية مرعدة، تسيل على جوانبها الدماء وتزهق الأرواح.
* * *
حتى إذا زال النهار، وتلهبت شمس مكة فجمعت على الناس نارين: نار الحرّ ونار الحرب، ضاق ابن الزبير وأصحابه ذرعًا، فجمعوا بقية عزمهم وأقدموا إقدام المستميت، فلم يرجعوا حتى أجلَوْا هذا الجيش العرمرم عن الحرم وردوهم حتى بلغوا بهم الحجون. وكان في طوقهم أن يردوهم إلى أبواب الشام، ولكنهم كانوا عشرات من الناس يحاربون ألوفًا مؤلفة!

(١) هذه جملة من التاريخ.

1 / 226