Deux Histoires : La Fête de Notre Dame de Saidnaya et la Tragédie de l'Amour
قصتان: عيد سيدة صيدنايا وفاجعة حب
Genres
وفيما أنا جالس في غرفتي أتأمل في حال صديقي خطر لي أن أزور السيدة سلمى أم الفتاة دعد؛ لأعرف موقفها من «القضية»، فانتظرت إلى المساء ثم ذهبت إلى منزل سليم أولا ودخلت عليه فوجدته يبدل ثوبا بثوب ويستعد للخروج، فسألته إلى أين يقصد فقال: «إلى بيت دعد؛ لأن أمها تريد محادثتي.» فقلت: «ألا سبيل للذهاب معك؟»
فقال: «نعم، لا سبيل إلى ذلك.» - «إذن؛ أستحلفك أن تطلعني على ما تقوله الأم.» - «سأفعل.» وخرج على الأثر.
وفي اليوم التالي قص علي سليم ما قالته الأم، ومفاده أنها تريد سعادة ابنتها وأنها لهذا السبب لا تقبل أن يكون زوج ابنتها موسيقيا ليس له منصب ثابت! وأنه إذا كان يريد ابنتها زوجا له فعليه أن يتخلى عن عمله الموسيقي، ويوجد لنفسه عملا يزيد أرباحه.
قلت: «إن الأم تردد أقوال السيد ج. وزوجه.» فقال: «لا بد أنهم تشاوروا وقرروا «إسعاد» دعد كما يفهمون من السعادة، ولا بد أن يكون السيد ج. وزوجه قد أظهرا للسيدة سلمى سخافة عقولنا، نحن معشر النفسيين ذوي المطالب العليا، وأطلعاها على حكمتهما البالغة القائلة: إن الحب مجرد عشق وغرام، وإن العشق والغرام فورة عارضة تزول سريعا، إلى آخر ما لهما من آراء تدل على مبلغ ما يعرفانه من الأهواء الجسدية، ومبلغ ما يجهلانه من العواطف النفسية، وهذان هما الصديقان الوحيدان اللذان تعتمد عليهما أم دعد.» ثم أردف: «ولكن يجب ألا يلوم المرء السيدة سلمى فهي تجهل نفسيتي، ولا تعرف إلا ما يقوله له صديقاها الوحيدان، وهي فوق ذلك أم، ومتى كان حولها قوم هم لحسبان الشر أولا، وحسبان الخير آخرا؛ فقلبها لا يقوى على مقاومة سعايات الناس.»
قلت: «ودعد؟»
فوجم وأطرق هنيهة ثم قال: «أخشى أن أحملها فوق ما تحمل، ولا شك في أنها تتألم من جميع ما حدث لي، ومن الكتاب الذي أرسلته طالبة إلي ألا أعود إلى زيارتها، وما أظن أنها أرسلته إلا مرضاة لأمها التي هي وحيدتها، وإني لا يخامرني أدنى شك في محبتها وإخلاصها لي، وقد مضت كل هذه المدة دون أن أحظى بلقياها حتى صرت أخشى أن تكون مريضة، أو أن تكون أرسلت إلى مدينة أخرى ظنا بأنها تسلو وتنسى، وهل تعلم أن شابا يدعى ميخائيل يصبو إلى طلب يدها وأن السيد ج. وزوجه يهرفان كثيرا به وبمركزه الحسن عند أمها؟»
فقلت: «نعم أدري.» ولم أشأ أن أخبره بخبر الشاب ميخائيل وعائلة السيد ج. في حفلة النادي؛ لئلا أزيده ألما على ألم، فتحول عني إلى البيانو، ورأيت أنه يريد أن يخلو بنفسه فودعته وخرجت مسرعا، وما كدت أبلغ الشارع حتى طرقت أذني أنغام موسيقية رقيقة خارجة من غرفته.
ومنذ ذلك اليوم صرت أجيء إليه كلما فرغت من عملي، فأصرف عنده بضع دقائق أحادثه وأحاول تسليته، ولكني كنت كل مرة أتيته أجده أضنى جسما من المرة السابقة؛ لأنه كان لا يطلب الطعام وإذا جيء به إليه تذوقه تذوقا فقط، كان يذوي كما تذوي الزهرة منع عنها الماء، فبذلت أقصى جهدي لمعرفة مقر الآنسة دعد؛ لأني كنت على يقين من أن كتابا ترسله إليه يكفي لإحياء ميت آماله وإنعاش قلبه، ولكن محاولاتي ذهبت أدراج الرياح.
وحدث ذات يوم أني زرته فألفيته صريع حمى شديدة، فاستحضرت له نطس الأطباء الذين لم يألوا جهدا في معالجته، ولكنهم لم يوفقوا إلى شفائه، وبينما هو في غيبوبة، إذ ورد كتاب مرسل إليه فأخذت الكتاب وقلبته بين يدي وتمعنت في خطه، فعلمت أنه خط نسواني وتبينت أنه آت من مدينة ب. ورأيت أن أفتحه لأعلم ما فيه؛ لأني كنت الوحيد الباقي بقرب سليم، والوحيد الذي يجوز له إتيان مثل هذا الأمر ففتحت الكتاب وقرأت:
عزيزي سليم
Page inconnue