وأعرب سموه (الخديو) عن نيته في الانصراف هو ودرويش باشا إلى أحد القصور القائمة على شاطئ المحمودية إذا كان الضرب من جانب الأسطول الإنجليزي، وأنه بقدر الإسراع في إنجاز الضرب يقل الخطر الذي يحيق بشخص الخديو.
وكان سموه أثناء المقابلة رابط الجأش، يتكلم بصوت هادئ، واختتم الحديث بتوجيه الرجاء إلى سير «أوكلاند» أن يبلغ قراره هذا إلى سعادتكم.
ولقد عقدت العزم على أن أخبر درويش باشا أنه في حالة حدوث ضرب تلقي حكومة صاحبة الجلالة البريطانية عليه مسئولية سلامة الخديو الشخصية وأمنه.
ومضى الأميرال «سيمور» قدما في تنفيذ خطته، فأرسل مستر «كارترايت» قنصل بريطانيا في الإسكندرية خطابا إلى درويش باشا - مبعوث السلطان - في يوم 10 يوليو ينبئه بانسحابه من المدينة وبقطع العلاقات بين بريطانيا ومصر، وختم خطابه بالإشارة إلى الموضوع الهام الذي يعني بريطانيا، وهو سلامة سمو الخديو، قال في ختام خطابه:
ثم أخبركم أنني مكلف بأن أعلن سعادتكم بالضرورة الماسة لكفالة سلامة سمو الخديو في كل الظروف، وأن حكومة جلالة الملكة تأمل من سعادتكم أن تشملوا وقاية سموه وأسرته بكل أنواع الاحتياطات التي تستدعيها الأحوال باستعمال نفوذك المستمد من نيابتكم عن جلالة السلطان.
وكان درويش باشا أحكم من الخديو توفيق وأكثر منه وطنية.
درويش باشا التركي ونائب السلطان، انبرى في رده يدافع عن توفيق صاحب العرش ويبرهن على أن سموه يعنى بسلامة الوطن عنايته بسلامة شخصه، فقد قال درويش باشا في ختام رده علي مستر «كارترايت»:
أما التنبيه الذي وجهتموه إلي أن أكفل بكل ما لدي من الوسائل سلامة سمو الخديو، فيجب علي أن ألفت أنظارك إلى أنه ليس من الصواب إيجاد تمييز بين شخصية سمو الخديو توفيق باشا السامية وحكومته، وأنه لمن الطبيعي جدا أن سموه ما زال يعنى بسلامة وهناء البلاد التي يحكمها أكثر ما يعنى بسلامة شخصه.
هذا دفاع كنا نحب أن نسمعه من توفيق، ولكننا نطلب المستحيل لو طالبنا توفيقا بمثله، فسنرى الخيانة مجسمة في كل حركة من حركات توفيق بعد ذلك، سنراه يفر بروحه إلى سراي بعيدة عن الميناء يقيم فيها آمنا ليشاهد الإسكندرية العظيمة وقنابل الأسطول تخرب مبانيها وتقتل جنودها وأهليها، وسنراه ينتقل إلى سراي رأس التين ليرحب بالإنجليز عند نزولهم، وسنراه يستعرض جيوش بريطانيا في ميدان عابدين، وسنراه يفعل كل ما من شأنه التمكين للاحتلال البريطاني في أرض وادي النيل. فاذكروا هذا أيها المصريون ولا تنسوه.
وفي10 يوليو أرسل الأميرال «سيمور» خطابا آخر إلى قائد الإسكندرية الحربي يشير فيه إلى خرافة الاستعدادات الحربية، وينبئه فيه بأنه مصمم على تنفيذ وعيده وأنه سيبدأ ضرب الإسكندرية عند شروق شمس يوم 11 يوليو.
Page inconnue