Histoire de vie
قصة حياة
Genres
عزوفا عن الدنيا، ومن لم يجد بها
مرادا لآمال تعلل بالزهد»
فيوم كان فيض الحياة زاخرا، كنت أقول يا ليتنى ما كنت، ولم يكن هذا طبيعيا، ولكنه كان ثمرة الكبت، وجنى الحرمان، وقطاف الحيرة، والآن، وأنا أدلف إلى الخمسين، لشد ما أتمنى أن يثقل الزمان رجله، ليطول التلبث، وتقضى النفس وطرها من التزود قبل أن يستأنف الركب مسيره إلى «فجر لا شىء» كما يقول الخيام فى إحدى رباعياته. وقد صار ما كان يشق على أن أراه، باعثا على التسلية ومجلبة للسرور، ولم يصدق ظنى حين توهمت فى أيام الشباب الكاذب، أنى سأقضى حياتى ثائر النفس، هائجا، أنه ليس لى عن ذاك معدى أو مهرب فقد قلت:
سكنت، فما أدرى الفتى كيف يغتدى
تجد به الأشجان طورا وتلعب
كما قلت على لسان غيرى.
بل لم أسكن، ولكنى نظرت إلى الحياة من ناحية أخرى، فقد تغيرت الدنيا، واختلفت أحوال الحياة، فراجعت نفسى، ورضتها على غير ما ألفت وانعطفت بها إلى سبل أخرى. فقد عرفت أن شعورى القديم بالمقت للحياة كان غير صادق، وأنه لم يكن سوي مظهر لحالة عارضة أعانيها، وأن حب الحياة والتعلق بها أعمق من ذلك، لكن حب الحياة كان يصطدم أحيانا بالجزع من الموت، فكان يرجني هذا ويخرجنى عن طورى، ويعصف باتزانى فأرانى أثور وأحاول فى مثل هذه الحالة الوقتية أن أنغص على الناس كأن لهم ذنبا، أو كأنهم ليسوا مثلى سواء بسواء، فأروح أقلد «هينى» الشاعر الألمانى، وأكتب وصية ليس أكشف منها عن جنون الثورة، أقول مثلا:
سترخى على هذى الحياة الستائر
وتطفأ أنوار، ويقفر سامر
فهل راق هذا الناس قصة عيشتى؟
Page inconnue