Histoire de la philosophie grecque

Zaki Najib Mahmud d. 1414 AH
81

Histoire de la philosophie grecque

قصة الفلسفة اليونانية

Genres

كذلك ذهبوا إلى أن الفرار من الألم خير من السعي في تحصيل اللذة، فعدم الألم وهدوء النفس وذهاب الاضطراب من الخوف أفضل من العمل على إيجاد اللذة الإيجابية. وقالوا إن اللذة لا تكون في كثرة الحاجات وسدها، بل إن كثرة الحاجات تجعل من الصعب سدها، وهي تركب الحياة من غير أن تزيد في السعادة، فخير لنا أن نقلل حاجاتنا جهد الطاقة. وكان أبيقور نفسه يعيش عيشة بسيطة ويحث تلاميذه على بساطة العيش، ويقول إن البساطة والاعتدال وابتهاج النفس وضبطها أهم وسائل السعادة، وأكثر طلبات الإنسان وحرصه على الشهرة ليس بضروري بل لا قيمة له. ولم يكن الأبيقوريون شهوانيين أنانيين كما يفهم بعضهم من هذا اللفظ، فقد رأيت حثهم على الاعتدال والبساطة وقالوا لأن تحسن خير من أن يحسن إليك، واليد العليا خير من اليد السفلى.

ويشترط أبيقور على الحكيم لكي يكون جديرا بهذا الاسم أن يسيطر سيطرة تامة على رغباته؛ حتى لا تدفع به في طريق الضلال، وكثيرا ما كان يصف نفس الحكيم بهدوء البحر، أو بالسماء الصافية المشمسة، وهو لا يجيز للإنسان تحت أي ظرف من الظروف أن يرضى لنفسه الذل والهوان من كائن من كان، بل لا يرضاهما من الحياة نفسها، فإن كان لا بد من الذل مع الحياة جاز للإنسان أن يطلق الحياة مختارا.

أما علاقة الفرد بالدولة فيرى أن القوانين جميعا إنما شرعت لحماية المجتمع من خرق الحمقى وظلمهم؛ إذ لا يستطيع أن يسلك في حياته طريقا قويمة عادلة غير الحكماء، أما أوساط الناس فلا مندوحة من ردعهم بقوة القانون لعجز نفوسهم عن تقويم نفسها بنفسها، ويرى الأبيقوريون أن الدولة بقوانينها قد نشأت بادئ الأمر بالتعاقد بين أفراد المجتمع؛ ولذا فيجب علينا أن نحترم القانون، وأن نطيعه ما وسعتنا الطاعة والاحترام.

الفصل الرابع عشر

الشكاك أو اللاأدرية

The Sceptics

الشك كلمة يراد بها المذهب القائل بأن معرفة الحقائق في هذا العالم لا يمكن الوصول إليها، أو يشك في الوصول إليها، فهو مذهب هادم للفلسفة؛ لأن الفلسفة ليست إلا السعي لمعرفة حقائق هذا الكون - ومذهب الشك هذا ظهر في عصور مختلفة في تاريخ الفلسفة، فقد رأيناه عند السوفسطائيين، فقد كان جورجياس - أحد زعماء السوفسطائية - يقول كما سبق: إننا نشك في وجود الأشياء، وإن كانت موجودة فلا سبيل إلى معرفتها - وفي العصور الحديثة كان زعيم الشكاك «دافيد هيوم»، فقد أبان أن وسائل المعرفة التي يعتمد عليها العقل البشري كالعلة والمعلول، والسبب والمسبب، والجوهر والعرض ونحو ذلك، ليس إلا وهما وخداعا، ومن ثم لا تمكن المعرفة. وبملاحظة تاريخ الفلسفة يتبين لنا أن نوع الفلسفة الذي يعتمد على التفكير الذاتي، أعني تفكير الإنسان في نفسه وعقله فقط يعقبه دائما الشك؛ ذلك لأن المعرفة هي علاقة بين العقل والشيء الخارجي، فإذا اقتصر الباحث على النظر إلى عقله ونفسه مهملا ما في الخارج أداه ذلك إلى إنكار ما في الخارج من حقائق، فالآن لما اقتصر الرواقيون والأبيقوريون على هذا النوع من التفكير النفسي والأخلاقي أسلم ذلك إلى الشك، فقد انحطت القوة الروحية للأمة، ومل العقل والنفس من التفكير في ذاتهما، وفقدا الثقة بأنفسهما، فجاءهما الشك في إمكان الوصول إلى الحقيقة.

واشتهر من هؤلاء الشكاك في ذلك العصر بيرو

1

وقد ولد سنة 360ق.م، واشترك في الحملة التي سيرها الإسكندر إلى الهند، ولم يخلف لنا كتبا نعرف منها آراءه إنما نعرف عنه من تلميذه تيمون

Page inconnue