Histoire de la littérature dans le monde (Première partie)

Zaki Najib Mahmud d. 1414 AH
87

Histoire de la littérature dans le monde (Première partie)

قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)

Genres

ومدينة أولمبيا وغيرها يحج إليها الإغريق كافة، كل هذا ساعد على وجود آلهة مشتركة موحدة الخصائص، ولكن دون أن يمحو الاختلاف في التفاصيل.

ذلك الشاعر هو «هزيود» الذي سيأتي ذكره، وكتابه الذي نشير إليه هو «نسب الآلهة»،

22

وبإمعاننا في ذلك الكتاب نستطيع أن نفهم الأساطير اليونانية فهما يوضح لنا الكثير من خصائص الأدب الإغريقي بل والروح الإغريقية عامة.

والذي لا شك فيه أن أساطير الإغريق كغيرها من الأساطير تدور حول العناصر الأبدية الثلاثة؛ (1) الإنسان. (2) الطبيعة. (3) الآلهة؛ فهذه العناصر الثلاثة هي أبطال كل تلك القصص. والذي شغل الإنسانية منذ أقدم الأزمنة - ولايزال يشغلها حتى اليوم - هو فهم العلاقة بين هذه العناصر وحل المشكلة القائمة بينها. ولقد استطاع اليونان أن يفهموا تلك العلاقة وأن يحلوا ذلك الإشكال حلا شعريا فيه تتركز كل خصائصهم الروحية.

ولعلهم لم يستطيعوا حل تلك المشكلة العويصة - مشكلة الإنسان والطبيعة والآلهة - ذلك الحل الشعرى إلا بفضل تلك الخاصية التي يجمع النقاد على توفرها لديهم؛ ونعني بها أنهم قوم كانوا يفكرون بخيالهم ، وبذلك استطاعوا أن يجمعوا بين نشأة الآلهة ونشأة العالم، حتى لنقرأ اليوم كتاب هزيود السابق فنرى فيه بوضوح فلسفة للكون تماشي تسلسل الآلهة وتوزيع الاختصاص بينهم، وكانت هذه أول مرحلة لحل المشكلة، وكانت الثانية خلع صفات الإنسان على آلهتهم وبذلك قربوها إليهم وحملوها نزعاتهم، ومنذ أن أصبحت لهم آلهة شبيهة بالبشر أخذوا يتصورون آلهة أخرى وربات في كل ما في الطبيعة من جبال وأنهار وغابات وأشجار، حتى لنستطيع أن نقول: إذا كان الهنود يعتقدون بالحلول الإلهي في الكون، فإن اليونان قد آمنوا بالحلول الإنساني في الآلهة، فالإنسان عندهم حال بكل شيء، حال بالآلهة ثم حال بالطبيعة التي تصوروها بملك كل خصائص الإنسان. وهكذا اتخذ اليونان من الإنسان محورا للوجود كله ومنبعا له.

وعن خصائص هذا الحل تصدر خصائص الأدب اليوناني كله، فهو أدب (1) إنساني، أعني أنه يعالج مشاكل الإنسان التي تمس حياته القريبة، ويسلط الضوء على النفس البشرية ليكشف عن أسرارها، وهذه الخاصية من الوضوح بحيث لم يجد علماء النهضة اسما يصدق على الدراسات اليونانية اللاتينية خيرا من الإنسانيات. (2) وهو أدب تشخيص «دراما» ولقد أتته تلك الميزة من تشخيصه لعناصر الطبيعة التي ملئوها بالآلهة البشرية، فأصبح الوصف نفسه أشبه ما يكون بالرواية التمثيلية التي تشتبك فيها الإرادات المختلفة وتتعارض أو تتعاطف. (3) وهو أدب انسجام

23

تتناغم أجزاؤه ولا تصنع فيها، وتلك خاصية امتازت بها أساطيرهم التي غذت ذلك الأدب.

خذ لذلك مثلا ما ذكره هزيود من أن الأرض «جيا»

Page inconnue