وفي تلك الأثناء كان مدير الشرطة يطل من أعلى الأسوار على الجمهور؛ ليصيح به قائلا: «أيها الناس، إن صاحب العظمة الحاكم يريد أن يعرف ماذا تريدون ؟ وماذا تطلبون؟ ولماذا ثرتم؟»
وظل الناس فاغري الأفواه، فهم لم يتوقعوا مثل هذا السؤال.
وكانوا قد حضروا دون أن يعرفوا لماذا، كما أنهم لم يكونوا يعرفون ماذا يريدون، ثم أخذوا يكونون جماعات صغيرة، ويسأل بعضهم بعضا عما يجب أن يطلبوه، وأخيرا أخذوا يصيحون: «فلتخفض الضرائب! ولتوقف إجراءات ملاحقتنا من أجل الديون! ليوقف نهبنا ... إننا في بؤس، ولم يعد لدينا مال! ... لقد سلبنا موتزوك كل شيء، موتزوك موتزوك هو الذي سلخنا ونهبنا! إنه مستشار الحاكم! ألا فليقتل! ... موتزوك يجب أن يموت! إن رأس موتزوك هي التي نريد!»
ولاقت هذه العبارة الأخيرة صدى في كل القلوب، فأصبحت كالشرارة التي تشعل نارا عاتية، فتجمعت جميع الأصوات لتكون صيحة واحدة هي: «إن رأس موتزوك هي التي نريد.»
وعندما رأي لابوشنيانو قائد الشرطة داخلا سأله: «ما الذي يريدون؟!»
فأجابه قائلا: «رأس الوزير موتزوك.»
وانتفض هذا الأخير كمن لدغته أفعى قائلا: ماذا؟ ... ماذا تقول؟ لا بد أنك أسأت السمع يا صديقي ... لعلك تمزح، ولكن الوقت ليس وقت مزاح ... ما معنى هذه الكلمات؟ ولماذا يريدون رأسي؟ ... إنك أصم لم تحسن السمع.
وقال الحاكم: «بل نعم ... استمع أنت فصيحتهم تصل إلى هنا.»
وبالفعل، كان الجند قد أوقفوا المقاومة، وكان الشعب قد أخذ يتسلق الجدران، وهو يصيح بملء حنجرته: «فليسلم إلينا موتزوك! إن رأس موتزوك هي التي نريد!»
وصاح هذا المجرم قائلا: «آه ... يا لتعاستي ... أيتها العذراء النقية، لا تتركيني أهلك! ماذا فعلت في هؤلاء الناس يا أم الإله أنقذيني ... وأقسم أن أبني كنيسة وأن أصوم بقية أيامي وأن أطلي بالفضة عرشك المقدس القائم في دير نيامتزو ... أيها الأمير البالغ الرحمة، لا تصغ إلى هؤلاء الفلاحين الأجلاف! أصدر أوامرك بضربهم بالمدافع وليهلكوا جميعا، فأنا نبيل كبير، وما هم إلا فلاحين أجلاف.»
Page inconnue