وشعر الغني في الأسبوع الأخير أنه أخطأ أن سكرة ساعة قد أعقبت خسارة مبلغ جسيم فاستحضر رجلين قويين، وأجرهما على قتل الشاب في آخر يوم من سجنه.
وجاء هذا اليوم فدخل الرجلان إلى غرفة الشاب، وكان مستلقيا بهيئة النائم فمشيا إليه فورا حتى لا ينبهاه، وهم أحدهما بخنقه، فانتبه إليه الآخر ومنعه، وأشار إلى يد الشاب فجساها وإذا هي باردة تارزة، فقلباه فوجداه مائتا.
فأسرعا إلى الغني وبشراه بالخير، فجاء متهللا وقد كلح وجهه من السرور الوحشي، وجعلوا يفتشون الشاب فوجدوا في جيبه رقعة كتب عليها ما يأتي: «انتحرت اليوم؛ لأنه ميعاد رجوعي إلى العالم بعد أن استرحت منه عشر سنوات، أيها البشر، إني أكره سخافاتكم وغباواتكم وجهالاتكم، ونفسي تتقزز من علمكم وأدبكم وحكوماتكم وأديانكم وآلهتكم وصحافتكم، وكل ما تحسبونه سعادة وجاها وشرفا وغنى».
في الأدب الياباني
يعتقد كثيرون أن اليابان كانت بلادا منحطة فاعتنقت الحضارة الأوروبية، ثم وثبت إلى التقدم فصارت الآن في طليعة الأمم الراقية.
والحقيقة أنها لم تكن قط منحطة أو متدهورة، وإنما كانت تسير على مبادئ المدينة الشرقية التي نشأت عليها، ثم وجدت باحتكاكها بأوربا أن حضارة أوروبا تفوق حضارتها فاصطنعتها وسارت عليها.
ومما يدل على صحة قولنا هذا هذه القصة التالية التي ألفها أحد أدباء اليابان في أواخر القرن السابع عشر، والمؤلف يقصد منها بيان الآداب الفاشلة بين طبقة الأشراف الحربيين المسمين ساموراء، قال:
منذ زمن غير بعيد كان رجل يدعى هارادا نيسوك، يسكن هو وزوجته في بلدة شنجاوة، وكانا فقيرين معدمين، وكانت السنة قد أوشكت أن تنتهي، فكانا لذلك يترقبان نهايتها بخوف وقلق؛ لأنه لم يكن عندهما شيء من المال لكي يقوما بما يتطلبه منهما ختام العام.
وكان للزوجة قريب يشتغل بحرفة الطب، وكان يعيش في حالة اليسر، فلما بلغ منها اليأس كتبت إليه ترجوه أن يقرضها شيئا لعيد ختام العام، وكان هذا الأخ سخي النفس فلما جاء خطاب شقيقته أزعجه فقال في نفسه: «لا بد من مساعدتهما ولا بد أن أبعث لهما بشيء».
فأخذ عشرة نقود ذهبية ووضعها في علبة، وأخذ يربطها وهو يضحك، ثم أرسلها لأخته في شنجاوة.
Page inconnue