205

Histoires des Prophètes

قصص الأنبياء

Chercheur

مصطفى عبد الواحد

Maison d'édition

مطبعة دار التأليف

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1388 AH

Lieu d'édition

القاهرة

Genres

Histoire
وَذكروا أَن نمْرُود هَذَا اسْتَمَرَّ فِي مُلْكِهِ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ.
وَكَانَ طَغى وبغى، وَتَجَبَّرَ وَعَتَا، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا.
وَلَمَّا دَعَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، حمله الْجَهْل والضلال وَطول الآمال عَلَى إِنْكَارِ الصَّانِعِ، فَحَاجَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ فِي ذَلِك، وَادّعى لنَفسِهِ الربوبية.
فَلَمَّا قَالَ الْخَلِيلُ: " رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، قَالَ أَنَا أحيى وأميت ".
قَالَ قَتَادَة والسدى وَمُحَمّد بن إِسْحَق: يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا أُتِيَ بِالرَّجُلَيْنِ قَدْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُمَا، فَإِذَا أَمَرَ بِقَتْلِ أَحَدِهِمَا وَعَفَا عَنِ الْآخَرِ فَكَأَنَّهُ قَدْ أَحْيَا هَذَا وَأَمَاتَ الْآخَرَ.
وَهَذَا لَيْسَ بِمُعَارَضَةٍ لِلْخَلِيلِ، بَلْ هُوَ كَلَامٌ خَارج عَنْ مَقَامِ الْمُنَاظَرَةِ،
لَيْسَ بِمَنْعٍ وَلَا بِمُعَارَضَةٍ، بَلْ هُوَ تَشْغِيبٌ مَحْضٌ، وَهُوَ انْقِطَاعٌ فِي الْحَقِيقَةِ ; فَإِنَّ الْخَلِيلَ اسْتَدَلَّ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ بِحُدُوثِ هَذِهِ الْمُشَاهَدَاتِ مِنْ إِحْيَاءِ الْحَيَوَانَاتِ وَمَوْتِهَا، على وجود فَاعل.
ذَلِك الذى لابد من استنادها إِلَى موجوده، ضَرُورَة عدم قِيَامِهَا بِنَفْسِهَا.
وَلَا بُدَّ مِنْ فَاعِلٍ لِهَذِهِ الْحَوَادِثِ الْمُشَاهَدَةِ، مِنْ خَلْقِهَا وَتَسْخِيرِهَا، وَتَسْيِيرِ هَذِهِ الْكَوَاكِبِ وَالرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ، وَخَلْقِ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تُوجَدُ مُشَاهَدَةً، ثُمَّ إِمَاتَتِهَا.
وَلِهَذَا قَالَ إِبْرَاهِيم: " ربى الذى يحيى وَيُمِيت ".
فَقَوْلُ هَذَا الْمَلِكِ الْجَاهِلِ: " أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ " إِنْ عَنَى أَنَّهُ الْفَاعِلُ لِهَذِهِ الْمُشَاهَدَاتِ فَقَدْ كَابَرَ وَعَانَدَ.
وَإِنْ عَنَى مَا ذَكَرَهُ قَتَادَةُ السدى وَمُحَمّد بن

1 / 188