ولكن قيصر كان قد فرض على أهل رومية أن يحيوا الزائرة الملكية، فما وسعهم إلا أن يحيوا قيصرون، زاعمين أن إهابه الأشقر الجميل، وحركاته الخاطفة السريعة، النامة عن الذكاء والتوقد، إنما هي الدليل الكافي على انحداره من سلالة تمت إلى الآلهة بأسباب. •••
من أجل أن لا يداخل أحدا من الرومان شك في ما ينبغي أن تخص به كليوبطرا وولدها من الاحترام والكرامة، أنزلها قيصر في صرحه العظيم الذي أقامه على شاطئ نهر التيبر
Tiber
الأيسر، مشرفا على الحدائق الغناء الممتدة على سفح أليانكولوم
Janiculum
تلك الحدائق التي أوصى أن تكون ملكا للشعب من بعده، وأنها لهبة ذكرها السواد الروماني غداة مقتله، فراح يسجد ذارفا الدمع أمام شملته
Toga
الملطخة بدمائه الزكية.
ولما أن رأت كليوبطرا أنها استقرت ضيفا كريما على الأمة الرومانية، شملها شعور الرضى، وأفعمها إحساس الفرح، الذي يأخذ أولئك الذين غامروا وجاهدوا في سبيل غاية، فأفلحوا ونجحوا، فإنها على الرغم من كل العقبات التي قامت في سبيلها، خطت خطوة موفقة نحو غرضها الخفي الخطير.
غير أن مرماها الأسمى الذي تحاول أن تكمل ببلوغه انتصارها الأخير، كان ما يزال طي الغيب، وكان عليها أن تجاهد في سبيله، فإن من الضروري لها، لكي تنجح، أن تربط قيصر بالزواج؛ ذلك الرباط الذي يعقد من فوق رأسها تاجين: تاج الفراعنة، وتاج الرومان.
Page inconnue