Le Discours Publié sur le Croissant du Meilleur des Mois
القول المنشور في هلال خير الشهور
Genres
الحلال والحرام فكيف احمده وكيف لا احمده ماهو ذو الجلال والاكرام والصلواة والسلام على من كشف الغمة ودعا الناس الى الاسلام وعلى اله وصحبه الكرام اما بعد فيقول العبد الراجي رحمة ربه القوي ابو الحسنات محمد المدعو بعبد الحي تجاوز الله عن ذنبه الجلي والخفي اللكنوي وطنا الانصاري الايوبي القطبي نسبا الحنفي مذهبا ومشربا هذه علالة رائعة وعجالة نافعة سميتها القول المنشور في هلال خير الشهور وكان الباعث على تاليفها ما رأيت في هذا الزمان من ان الناس يعتمدون على حساب النجوم ويصدقون المنجمين في اقوالهم ولا يتهيأون بالتماس هلال رمضان وبعضهم يعتمدون على ماجربوه كثير او كل ذلك مخالف للشرع فاردت ان احقق هذا البحث وافصل فيه حق التفصيل متوكلا على الله الجليل مسألة يجب على الناس كفاية ان يلتمسوا هلال رمضان يوم التاسع والعشرين من شعبان لانه قد يكون ناقصا نص عليه الشرنبلالى في مراقي الفلاح وهذا معنى قول القدوري ينبغي للناس ان يلتمسوا الهلال يوم التاسع والعشرين كما فسره به ابن الهمام في فتح القدير وذلك لما روى البخاري عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فان غم عليكم فاكملوا بعده ثلثين قوله غم بضم الغين المعجمة وتشديد الميم اي حال بينكم وبينه غيم وقوله اكملوا العدة اي عدة شعبان لان الاصل في الشهر هو البقاء وروى مسلم عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم صوموا لرويته وافطروا لرويته فان اغمى عليكم فاكملوا العدد وروى الترمذي عن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرويته وافطروا لرويته فان حالت دونه غيابة فاكملوا ثلثين يوما قوله غيابة بالتحتيتين كل ما اظلك من حجة او غيرها وروى البخاري عن ابي هريرة قال قال ابو القاسم صلى الله عليه وعلى أله وسلم صوموا لرويته وافطروا فان غبى عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلثين قوله غبي بضم الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة مع الكسر مبنيا للمفعول وللحموي غبي بفتح المعجمة وكسر الموحدة كعلم اي خفي عليكم وهو من الغباوة ضد الفطانة استعارة لخفاء الهلال فهذه الاحاديث قد دلت على ان مناط الصوم انما هو روية الهلال فيستحب التماسه ولهذا ذكر فقهائنا ان لا يصام يوم الشك بنية انه من رمضان لان صومه مغلق على الروية وقال الشيخ الحدادي في شرح مختصر القدوري وكذا ينبغي ان يلتمسوا هلال شعبان ايضا في حق اتمام العدة قلت فيه حديث رواه الترمذي عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم احصوها هلال شعبان لرمضان وروى ابو داؤد عن عايشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يتحفظ من شعبان مالا يتحفظ من غيره ثم يصوم لروية رمضان فان غم عليه عد ثلثين يوما ثم صام مسألة لا اعتبار لحساب المنجمين والحاسبين في الهلال وقد اختلفوا في ذلك فالذي عليه الاكثرون هو عدم اعتبار قوله في حق نفسه ولا في حق غيره وذهب ابن شريح وبعض الشافعية الى اعتباره وصوبه الزركشي تبعا للسبكي والباعث على اختلافهم هذا اختلافهم في معنى ما رواه الشيخان مرفوعا لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فان غم عليكم فاقدر واله فقيل معناه قد رواه تحت السحاب وهو مذهب الامام احمد بن حنبل فانه يجوز صوم يوم ليلة الغيم رمضان وقيل معناه قد روه بحساب النازل وهو قول ابن شريح ومطرف بن عبد الله وقتيبة ومن تبعهم والذي ذهب اليه مالك والشافعي وابو حنيفة وجمهور السلف والخلف هو ان معناه قدروا له تمام العدد ثلثين يوما به ليل الروايات الصريحة التي ذكرنا كذا ذكره النووي في شرح صحيح مسلم وفي الدر المختار لا عبرة بقول الموقتين ولو عدو لاعد المذاهب انتهى وفي النهر الفائق لا يلزم بقول الموقتين انه اي الهلال يكون في السماء ليلة كذا وان كانوا عدو لا على الصحيح كما في الايضاح وللامام السبكي تاليف مال فيه الى اعتماد قولهم لان الحساب قطعى انتهى ونقل ابن عابدين في رد المحتار حاشية الدر المختار عن فتاوي الشهاب الرملي الشافعي سئل عن قول السبكي لو شهدت بينه بروية الهلال ليلة الثلثين من الشهر وقال الحساب بعدم امكان الروية تلك الليلة عمل بقول اهل الحساب لان الحساب قطعي والشهادة ظنية واطل في ذلك فهل يعمل بما قاله ام لا اجاب بان ماقاله السبكي رده عليه جماعة من المتاخرين انتهى ملخصا وفي الاقناع للفقيه ابي الخير الشافعي لا يجب الصوم بقول المنجم ولا يجوز ولكن له ان يعمل بحسابه كالصلوة كما في المجموع وقال انه لايجزيه عن فرضه لكن الصحيح في الكفاية انه اذا جاز اجزاه ونقله عن الاصحاب هذا هو الظاهر والحاسب وهو من يعتمد منازل القمر بتقديم سيره في معنى المنجم وهو من يرى ان اول الشهر طلوع النجم الفلاني انتهى وفي فتاوي الانوار للفقيه جما الدين الاردبيلي الشافعي يجب الصوم باستكمال شعبان او بروية الهلال ولا يجب بمعرفة منازل القمر لا على العارف ولا على غيره انتهى وفي معراج الدراية شرح الهداية لايعتبر قولهم بالاجماع ولا يجوز للمنجم ان يعمل بحساب نفسه انتهى وقد اطال العلامة على القادري المكي في مرقاة المفاتيح شرح مشكوة المصابيح الكلام في هذا المقام وحقق انه لا اعتبار بقول الحاسبين ثم قال بل اقول لو صام المنجم عن رمضان قبل رويته بناء على معرفته يكون عاصيا في صومه ولا يحسب عن صومه الا اذا ثبت الهلال ولو جعل عليه الفطر بناء على زعمه الفاسد يكون فاسقا ويجب عليه الكفارة في قول هو الصحيح وان استحله كان كافرا ثم قال ومن الغرائب مانقل صاحب النهاية عن ابن شريح ان قول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاكملوا العدة خطاب للعامة وقوله فاقدر واله خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم واغرب منه عمل صاحب النهاية من نقل كلامه والسكوت عليه فانه لا ينبغي لاحد ان ينقل كلامه الا للرد عليه انتهى ونقل الزاهدي في القنية ثلثة اقوال فنقل اولا عن القاضي عبد الجبار وصاحب جامع العلوم انه لا باس بالاعتماد على قولهم ونقل عن ابن المقاتل انه كان يسألهم ويعتمد على قولهم ثم نقل عن شرح السرخسي انه بعيد وعن شمس الايمة الحلوائي ان الشرط في وجوب الصوم والافطار الروية ولا يوخذ فيه بقولهم ثم نقل عن مجد الايمة الترجماني انه اتفق اصحاب ابي حنيفة الا النادر والشافعي انه لا اعتماد على قولهم انتهى وقد روى مسلم عن ابن عمر انه كان يحدث عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال انا امة امية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الابهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام ثلثين معناه انا معاشر العرب جماعة امية لا نكتب ولا نحسب وليس علمنا بالحساب والكتاب كما هو فعل المنجمين والحساب بل علمنا يتعلق بروية الهلال فانا نراه مرة تسعا وعشرين ومرة ثلثين كما قال الشهر وهو مبتدأ وهكذا الاول امشار بها الى نشر الاصابع وهكذا ثانيا وثالثا خبره وعقد احدى الابهامين في المرة الثالثة فصارت الجملة تسعا وعشرين ثم قال الشهر هكذا وهكذا وهكذا ولم يعقد الابهام فصارت الجملة ثلثين كما فسر به الراوي قال الشيخ ابن حجر المكي انما بالغ في البيان مع الاشارة ليبطل الرجوع الى ما عليه المنجمون والحساب وبه يبطل مامر عن ابن شريح ومن وافقه قال اكثر ايمتناه لا يعمل بحساب المنجم وهو من يرى ان اول الشهر طلوع النجم الفلاني ولا بحساب الحاسب وهو من يعرف منازل القمر وتقدير سيره لكن لكل منهما ان يعمل بمعرفة نفسه ثم اختلفوا في ان ذلك هل يجزيه انتهى فان قلت فما معنى قوله تعالى وبالنجم هم يهتدون فان الله تعالى قد ذكره في معرض عه سننه ومنها الأهتداء بالنجوم فيعلم منه ان المنجم لو حكم بعلمه في امر الهلال صح ايضا قلت المراد بالاهتداء في السفر وامر القبلة لا غيره كما ذكره الامام الرازي في تفسيره وغيره مسألة لا عبرة لقول من قال اخبرني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في المنام بان الليلة اول رمضان انما الاعتبار للروية قلت ذكره الخطيب في الاقناع وهو كذلك عندنا لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم علق الصوم بالروية والاحكام ولا تثبت بالمنام لا يقال مشروعية الاذان قد ثبتت بمنام عبد الله بن زيد بن عبد ربه من الانصار واقره عليه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لانا نقول لا نسلم انها ثبتت بمجرد المنام بل يجوز ان يقرن به الوحي ويدل عليه بعض الروايات لما اخبر عمر رضي الله عنه بمنامه قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم سبقك به الوحي مسألة لا عبرة للمجربات في هذا الباب حتى لو ظهر خلافها اخذ به فمنها مانقله الصفوري في نزهة المجالس عن عجائب المخلوقات للقزويني عن جعفر الصادق خامس رمضان الماضي اول رمضان الاتي وقد امتحنوا ذلك خمسين سنة فوجدوه كذلك قلت وقد امتحنته ايضا فوجدته كذلك ومع ذلك لا اعتماد عليه خنى لو رئى الهلال بحيث يكون اول رمضان رابع الماضي يعتبر به لتعلق الصوم بالروية ومنها ما ذكره ابن عبد البر والنووي انه قد ينقص الشهر ان متواليا وقد ينقص ثلاثة شهور واربعة شهور متواليه ولا ينقص اكثر من اربعة اشهر وهذا حكم استقرائي قال على القارى ومع ذلك الظاهر انه لو وقع خلاف ذلك يوخذ به انتهى مسألة لو رئى الهلال نهارا قبل طلوع الشمس يوم التاسع والعشرين من شعبان ثم شهد شاهد ان بروية هلال رمضان يوم الثلثين تقبل الشهادة ولا يعتبر ح ما اشتهر من انه اذا كان الشهر كاملا يغيب القمر ليلتين وان كان ناقصا يغيب ليلة قلت وهو صريح مدلول الاحاديث وقد صرح به الرملي الشافعي في فتاواه مسألة لا اعتبار الكبر الهلال وصغره لما روى مسلم عن ابي البحتري قال خرجنا للعمرة فلما نزلنا بطن نخلة قال ترأينا الهلال فقال بعض القوم هو ابن ثلاث وقال بعض القوم هو ابن ليلتين قال فلقينا ابن عباس فقلنا انا ترأينا الهلال فقال بعض القوم هو ابن ثلاث وقال بعض القوم هو ابن ليلتين فقال اي ليلة رأيتموه فقلت ليلة كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان الله تعالى مده للروية فهو لروية رأيتموه مسألة لو غاب القمر في الليلة الثالثة قبل غروب الشفق لا يحكم به بان الهلال كان يوم التاسع والعشرين من شعبان بناء على ان الهلال يغيب في الليلة الثالثة عند غروب الشفق انما الاعتبار للروية فان قلت قد روى ابو داؤد عن النعمان بن بشير قال انا اعلم الناس بهذه الصلوة صلوة العشاء الاخرة كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة فهذا نص صريح في ان القمر يغرب في الليلة الثالثة عند غروب الشفق لا قبله قلت ليس في الحديث ما يدل على الدوام فقد يكون هكذا ولا تغتر بقوله كان فانه لا يدل على الاستمرار كما بسطه النووي في شرح صحيح مسلم في ابواب النوافل فتشكر والله اعلم وعلمه احكم قال مؤلفه غفر الله ذنوبه وستر الله عيوبه هذا أخر ماتيسر لي في هذا المطلب الشريف وكان الفراغ نتع نهار الثلثاء رابع شهر رمضان من شهور سنة اربع وثمانين بعد الالف والمائتين من هجرة رسول الثقلين صلى الله عليه وعلى اله وسلم وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على سيدنا محمد وأله وصحبه أجمعين .
خاتمة الطبع اما بعد فقد انطبعت رسالة مسماة بالقول المنشور في هلال خير الشهور في المطبع المصطفاي في شهر شعبان من شهور سنة 1299ه .
Page 11