المطلب الثاني شرط الاجتهاد في القاضي
هل يصح أن يحكم القاضي تقليدا لغيره؟
نقل الإمام ابن المرتضى عن الإمام القاسم قولين في شأن جواز حكم القاضي بالتقليد؛ فقال: "(جع جط عق ش) ولا يصح مقلدا"(1).
وبالتالي؛ فقد فللإمام القاسم القولين الآتيين:
القول الأول: أنه يجوز للقاضي أن يحكم تقليدا لغيره.
وهذا أحد الأقوال عن المذهب، وهو قول الأئمة: الناصر والمؤيد بالله، وابن حمزة، ومذهب الأحناف والأباضية(2).
القول الآخر: أنه يشترط في القاضي الاجتهاد، ولا يصح له تقليد غيره.
وهذا الأصح من المذهب، وهو تخرج للإمامين أبي العباس وأبي طالب، ومذهب المالكية والشافعية، والحنابلة والإمامية، والظاهرية(3).
والذي أراه هو جواز تقليد القاضي لغيره؛ وذلك لسببين :
أولهما: إن كان الغرض هو الاجتهاد؛ فالاجتهاد واقع في تقليد القاضي لاجتهاد غيره، وبالتالي لم نخرج عن الغاية، وهي بلوغ حكم الله.
ثانيهما: في عصرنا الحاضر؛ يلزم القاضي بتطبيق قواعد قانونية؛ أعدتها أو أصدرتها جهات، ويكون اجتهاد القاضي محصورا ومقيدا في بعض الأمور، وبالتالي؛ فقد صار القاضي في الأصل مقلدا، ولو اشترطنا الاجتهاد؛ لما صح من حكم القاضي شيء في ظل النصوص القانونية، وسيصير حكمه باطلا، والله أعلم.
Page 69