ولم ينص على هذه المسألة الإمام المؤيد بالله، ولم يشر إلى هذا الاختلاف الإمام ابن المرتضى؛ بل جعله قولا واحدا -من مفهوم ما كتبه- يشير إلى القول بعدم وجوب الاستنجاء من الريح؛ فقال: "(قه ع ز ي تضى): ويجب الاستنجاء من الريح... (أكثر الأئمة والأمة) لا"(1).
والذي أرجحه هو القول بوجوب الاستنجاء من الريح؛ لما جاء تعليلا من الإمام القاسم في (كتاب الطهارة) من قوله: "لأنه لا يخرج من ذلك خارج وإن صغر ويبس، إلا وقد خرج معه عليه نتن وإن لم ير ويحس"(2)، والله أعلم.
المطلب الرابع عزوب النية في الوضوء
إذا نوى المرء أن يتوضأ، واستمرت نيته إلى أن غسل كفيه، ثم قطع نيته قبل المضمضة والاستنشاق؛ فهل تجزئه النية الأولى للوضوء، أم يحتاج إلى نية أخرى إذا أراد الاستمرار؟
للإمام القاسم جوابين على هذا السؤال؛ نص على ذلك صاحب (الانتصار)؛ فقال: "وإن غسل كفيه ونوى الوضوء عند غسلهما ثم عزبت(3) نيته قبل المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه، فهل يجزئه الوضوء أم لا؟ فيه مذهبان: أحدهما: أنه يجزئه ذلك، وهذا ... رواية عن القاسم"(4).
وبالتالي؛ فلإمام القاسم الحكمين الآتيين:
الحكم الأول: أن النية المتقطعة تجزئ.
الحكم الآخر: أنه لا تجزئه النية المتقطعة، وتلزمه نية جديدة.
والذي أعتقده أن هذه المسألة ليست بالخلافية البتة، ولم يكن هذا موضوعها إن كان هناك خلاف، وذلك للآتي:
Page 23