Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
Maison d'édition
مكتبة الكليات الأزهرية
Lieu d'édition
القاهرة
النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ التَّفْكِيرُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَجَمِيعِ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ، لِيَسْتَدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَنُفُوذِ إرَادَتِهِ.
وَكَذَلِكَ التَّفَكُّرُ فِي آيَاتِ كِتَابِهِ وَفِي فَهْمِ شَرَائِعِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَكَذَلِكَ تَدَبُّرُ آيَاتِ كِتَابِهِ وَكَذَلِكَ التَّفَكُّرُ فِي الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، لِيَكُونَ الْمُتَفَكِّرُ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، لِيَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ رَجَاءً لِثَوَابِهِ، وَبِتَجَنُّبِ مَعْصِيَتِهِ.
وَأَفْعَالُ الْقُلُوبِ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ، وَمِنْهَا الْحُزْنُ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَمِنْهَا الْفَرَحُ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَمِنْهَا مَحَبَّةُ الطَّاعَةِ وَالْإِيمَانِ، وَكَرَاهَةُ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَمِنْهَا الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ كَحُبِّ الْأَنْبِيَاءِ وَبُغْضِ الْعُصَاةِ وَالْأَشْقِيَاءِ، وَمِنْهَا الصَّبْرُ عَلَى الْبَلِيَّاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَعَنْ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ، وَمِنْهَا التَّذَلُّلُ وَالتَّخَضُّعُ وَالتَّخَشُّعُ وَالتَّذَكُّرُ وَالتَّيَقُّظُ، وَغِبْطَةُ الْأَبْرَارِ عَلَى بِرِّهِمْ، وَالْأَخْيَارِ عَلَى خَيْرِهِمْ، وَالْأَتْقِيَاءِ عَلَى تَقْوَاهُمْ، وَمِنْهَا الْكَفُّ عَنْ أَضْدَادِ هَذِهِ الْمَأْمُورَاتِ، وَمِنْهَا الشَّوْقُ إلَى لِقَاءِ اللَّهِ، وَمِنْهَا أَنْ يُحِبَّ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ لَهُمْ مِثْلَ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهَا مُجَاهَدَةُ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ إذَا دَعَوْا إلَى الْمُخَالَفَاتِ وَالْعِصْيَانِ، وَمِنْهَا ذِكْرُهَا ذَمِّ اللَّذَّاتِ وَذِكْرِ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ السَّمَوَاتِ، وَمِنْهَا السُّرُورُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَالِاغْتِمَامِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَنِعْمَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ كَمَا قَالَ ﵇، وَمِنْهَا الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﷺ بِهِ مِنْ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ، وَمِنْهَا إضْمَارُ النَّصِيحَةِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَمِنْهَا اسْتِحْضَارُ الْمَخْلُوقَاتِ عِنْدَ نُزُوعِ النَّفْسِ إلَى اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ.
وَمِنْهَا أَنْ يُقَدِّرَ إذَا عَبَدَ رَبَّهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ لِتَقَعَ الْعِبَادَةُ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَلْيُقَدِّرْ أَنَّ اللَّهَ نَاظِرٌ إلَيْهِ، وَمُطَّلِعٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ إحْسَانُ
1 / 222