Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Izz al-Din ibn Abd al-Salam d. 660 AH
172

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Maison d'édition

مكتبة الكليات الأزهرية

Lieu d'édition

القاهرة

وَمِنْهَا بَذْلُ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ مَعَ تَعْرِيضِ النُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ لِلْفَوَاتِ، وَمِنْهَا تَقْدِيمُ سِرَايَةِ الْعِتْقِ عَلَى صَرْفِ الْأَمْوَالِ فِي قَضَاءِ الْأَوْطَارِ وَدَفْعِ الْحَاجَاتِ، وَهَذَا عَلَى الْحَقِيقَةِ حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْعَبْدِ، لَكِنْ غَلَبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ إذْ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ الْعَبْدِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهُ تَغْلِيبًا لِحَقِّ اللَّهِ ﷿، وَمِنْهَا التَّغْرِيرُ بِالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ فِي قِتَالِ مَنْ يَجِبُ قِتَالُهُ، فَمَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ أَدَاءِ حَقٍّ يَجِبُ أَدَاؤُهُ بِالْمُحَارَبَةِ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ، وَمِنْهَا تَحْرِيمُ الْوَطْءِ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالِاعْتِكَافِ، وَمِنْهَا تَحْرِيمُ وَطْءِ الْحَيْضِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالِ إلْجَاءٍ أَوْ إكْرَاهٍ، وَمِنْهَا تَحْرِيمُ وَطْءِ الْمُتَحَيِّرَة فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَتَضْعِيفِ الصَّوْمِ عَلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَ شَهْرَيْنِ فَمَا زَادَ. وَكَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَكَذَلِكَ غَسْلُ الْعَصَائِبِ عِنْدَ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَمِنْهَا تَحْرِيمُ لِبَاسِ الْمَخِيطِ وَتَحْرِيمُ سَتْرِ رُءُوسِ الرِّجَالِ وَوُجُوهِ النِّسَاءِ فِي الْإِحْرَامِ، وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ قَلْمِ الْأَظْفَارِ وَإِبَانَةِ الشَّعْرِ وَالطِّيبِ وَالْإِدْهَانِ فِي الْإِحْرَامِ وَالتَّلَذُّذِ بِالنِّسَاءِ، وَتَحْرِيمُ أَكْلِ الصَّيْدِ وَالِاصْطِيَادِ، وَمِنْهَا تَحْرِيمُ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ فِي الْإِحْرَامِ، وَمِنْهَا تَحْرِيمُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ عَلَى الصُّوَّامِ، وَمِنْهَا تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا حَقُّ اللَّهِ إذْ لَا تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا الْأَنْسَابُ فَإِنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ وَلِعِبَادِهِ وَلَا تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ مُسْقِطِيهَا، وَمِنْهَا تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ حَقُّ اللَّهِ، فَلَوْ رَضِيَ الْمُدَّعِي بِأَنْ يَجْعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نُكُولٍ لَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَمِنْهَا دَفْعُ الْغَرَرِ عَنْ الْبِيَاعَاتِ فَإِنَّهُ اُعْتُبِرَ لِلْحَقَّيْنِ، وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ حَقُّ اللَّهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ عَصَبَاتِ الْمَزْنِيِّ بِهَا لِأَنَّ الشَّرْعَ لَوْ فَوَّضَ اسْتِيفَاءَهُ إلَيْهِمْ لَمَا اسْتَوْفَوْهُ خَوْفًا مِنْ الْعَارِ وَالشَّنَارِ، بِخِلَافِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُمَا حَقَّانِ لِلَّهِ وَلِعِبَادِهِ، غَلَبَ عَلَيْهِمَا حَقُّ الْعَبْدِ بِالِاسْتِيفَاءِ وَالْإِسْقَاطُ شِفَاءٌ لِغَلِيلِ الْمَقْذُوفِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، وَمِنْ ذَلِكَ حَدُّ

1 / 174