Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Izz al-Din ibn Abd al-Salam d. 660 AH
162

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Maison d'édition

مكتبة الكليات الأزهرية

Lieu d'édition

القاهرة

الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾ [إبراهيم: ٢٦]، ذَكَرَهُ تَنْفِيرًا مِنْ كَلِمَةِ الْكُفْرِ. النَّوْعُ التَّاسِعُ: قِصَصُ الْمُرْسَلِينَ وَمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ إنْجَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِهْلَاكِ الْكَافِرِينَ، ذَكَرَهُ تَرْغِيبًا فِي اتِّبَاعِ الْمُرْسَلِينَ، وَتَنْفِيرًا مِنْ عِصْيَانِ النَّبِيِّينَ، وَكَذَلِكَ اللَّوْمُ وَالتَّقْرِيعُ وَالتَّوْبِيخُ عَلَى بَعْضِ الْأَفْعَالِ. النَّوْعُ الْعَاشِرُ: تُمَنُّنَّهُ عَلَيْنَا بِمَا خَلَقَهُ لِأَجْلِنَا لِنَشْكُرَهُ عَلَى إحْسَانِهِ إلَيْنَا وَإِنْعَامِهِ عَلَيْنَا، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا قَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ٧٨]، ذَكَرَ ذَلِكَ لِنَشْكُرَهُ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ الْجِسَامِ الَّتِي لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَذْكُرُهَا إلَّا عِنْدَ اخْتِلَالِهَا أَوْ فَقْدِهَا، ثُمَّ صَرَّحَ بِالسَّبَبِ فَقَالَ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ٧٨] . الْمِثَالُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ [النحل: ٨١] . الْمِثَالُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الجاثية: ١٢]، وَأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهُ: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [الجاثية: ١٣]، وَكُلُّ شَيْءٍ ذَكَرَهُ تُمَنِّنَا عَلَيْنَا كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِأَمْرَيْنِ، أَحَدِهِمَا: شُكْرُهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَالثَّانِي: إبَاحَتُهُ لَنَا، إذْ لَا يَصِحُّ التَّمَنُّنُ عَلَيْنَا بِمَا نُهِينَا عَنْهُ، وَقَدْ تَمَنَّنَ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ بِالْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ، وَالْمَلَابِسِ وَالْمَنَاكِحِ، وَالْمَرَاكِبِ وَالْفَوَاكِهِ، وَالتَّجَمُّلِ وَالتَّزَيُّنِ وَالتَّحَلِّي بِالْجَوَاهِرِ، فَذَكَرَ تَمَنُّنَهُ بِالضَّرُورِيَّاتِ وَالْحَاجِيَاتِ، وَالتَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِلَاتِ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، فَمِنْهُ مَا هُوَ جَالِبٌ لِلْمَصَالِحِ كَقَوْلِهِ:

1 / 164