Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Izz al-Din ibn Abd al-Salam d. 660 AH
131

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Maison d'édition

مكتبة الكليات الأزهرية

Lieu d'édition

القاهرة

الْمِثَالُ الْخَامِسُ أَنْ يَقْتُلَ الْحَاكِمُ مَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، أَوْ يَرْجُمَهُ أَوْ يَحُدَّهُ، أَوْ يُسَلِّمَ الْمَرْأَةَ إلَى مَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ زَوْجُهَا، فَإِنْ كَذَبَ الظَّنُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ عَلَى قَصْدِهِ، وَلَا يُؤْجَرُ عَلَى فِعْلِهِ، لِأَنَّهُ مُعَاوَنَةٌ عَلَى مَفَاسِدَ عَظِيمَةٍ مِنْ قَتْلِ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ، وَحَدِّ نَفْسٍ بَرِيئَةٍ مَظْلُومَةٍ أَوْ رَجْمِهَا، وَتَسْلِيمِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إلَى مَنْ يَزْنِي بِهَا، وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْمَفَاسِدِ أَقْصَى غَايَاتِهَا أَنْ يُعْفَى عَنْهَا، أَمَّا أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِلثَّوَابِ فَلَا. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ سَاعَدَهُ وَعَاوَنَهُ عَلَى تَنْفِيذِ أَحْكَامِهِ. وَإِنْ صَدَقَ ظَنُّهُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى إقَامَةِ الْحَقِّ، فَيُثَابُ عَلَى نِيَّتِهِ وَفِعْلِهِ، لِأَنَّهُ هَمَّ بِحَسَنَاتٍ وَعَمِلَهَا. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ سَاعَدَهُ وَعَاوَنَهُ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَأَنْصَارِهِ عَلَى تَنْفِيذِ أَحْكَامِهِ. وَقَدْ أُمِرْنَا بِالْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَنُهِينَا عَنْ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. وَلَوْ عَلِمَ الشَّاهِدُ وَالْحَاكِمُ وَمُبَاشِرُ الْقَتْلِ وَالرَّجْمِ أَنَّ الْقَتِيلَ مَظْلُومٌ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ أَجْنَبِيَّةٌ، كَانَ إثْمُ الْمُبَاشِرِ أَعْظَمَ مِنْ إثْمِ الْحَاكِمِ إذَا لَمْ يُخْبِرْ الْحَاكِمَ، وَإِثْمُ الْحَاكِمِ أَعْظَمُ مِنْ إثْمِ الشَّاهِدِ، لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ قَدْ حَقَّقَ الْمَفَاسِدَ، وَالْحَاكِمُ سَبَبٌ لِمُبَاشَرَتِهِ، وَالشَّاهِدُ سَبَبٌ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ صَلَّى الْمُكَلَّفُ صَلَاةً مُعْتَقِدًا لِاجْتِمَاعِ أَرْكَانِهَا وَشَرَائِطهَا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ صَلَّى مُحْدِثًا، أَوْ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ، أَوْ أَنَّ إمَامَهُ كَانَ كَافِرًا أَوْ امْرَأَةً، أَوْ صَلَّى عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَهَلْ يَبْطُلُ جَمِيعُ مَا بَاشَرَهُ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالِهَا وَخُضُوعِهَا وَخُشُوعِهَا أَمْ لَا؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ صِحَّةُ الطَّهَارَةِ وَلَا الْوَقْتِ، كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ، وَالدُّعَاءِ وَالتَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَالدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ، وَمُلَاحَظَةِ مَعَانِي الْأَذْكَارِ وَالْقِرَاءَةِ، وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَالْمَهَابَةِ وَالْإِجْلَالِ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ صَحِيحٌ يُثَابُ كَمَا لَوْ فَعَلَهُ فِي غَيْرِ

1 / 133