112

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Maison d'édition

مكتبة الكليات الأزهرية

Lieu d'édition

القاهرة

نُصْحًا لَهَا وَدَفْعًا لِضِيقِ عَيْشِهَا مَعَ مُعَاوِيَةَ وَتَعْرِيضًا لِضَرْبِ أَبِي الْجَهْمِ. فَهَذَا جَائِزٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ وَاجِبٌ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: الْقَدْحُ فِي الرُّوَاةِ وَاجِبٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ إثْبَاتِ الشَّرْعِ بِقَوْلِ مَنْ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الشَّرْعِ بِهِ، لِمَا عَلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَحْكَامِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ خَبَرٍ يُجَوِّزُ الشَّرْعُ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ وَالرُّجُوعَ إلَيْهِ. الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: جَرْحُ الشُّهُودِ عِنْدَ الْحُكَّامِ فِيهِ مَفْسَدَةُ هَتْكِ أَسْتَارِهِمْ، لَكِنَّهُ وَاجِبٌ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي حِفْظِ الْحُقُوقِ مِنْ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَبْضَاعِ وَالْأَنْسَابِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ أَعَمُّ وَأَعْظَمُ، فَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ ذَنْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْرَحَهُ بِالْأَكْبَرِ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا.
الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: النَّمِيمَةُ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، لَكِنَّهَا جَائِزَةٌ أَوْ مَأْمُورٌ بِهَا إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى مَصْلَحَةٍ لِلْمَنْمُومِ إلَيْهِ، مِثَالُهُ: إذَا نَقَلَ إلَى مُسْلِمٍ أَنَّ فُلَانًا عَزَمَ عَلَى قَتْلِهِ فِي لَيْلَةِ كَذَا وَكَذَا، أَوْ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، أَوْ عَلَى التَّعَرُّضِ لِأَهْلِهِ فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا، فَهَذَا جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ تَوَسُّلٌ إلَى دَفْعِ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ عَنْ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ شِئْت قُلْت لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى تَحْصِيلِ مَصَالِحِ أَضْدَادِ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ [القصص: ٢٠] الْآيَةُ.
وَكَذَلِكَ مَا نَقَلَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْمُنَافِقِينَ.

1 / 114