Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
Maison d'édition
مكتبة الكليات الأزهرية
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
Usul al-fiqh
حِفْظَ النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ أَوْلَى مِنْ حِفْظِ الْعُقُولِ فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ، وَلِأَنَّ فَوَاتَ النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ دَائِمٌ، وَزَوَالَ الْعُقُولِ يَرْتَفِعُ عَنْ قَرِيبٍ بِالصَّحْوِ.
الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ: شَهَادَةُ الزُّورِ مَفْسَدَةٌ كَبِيرَةٌ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَيْهَا بِالْقَتْلِ أَوْ بِمَا يُؤَدِّي إلَى الْقَتْلِ كَقَطْعِ عُضْوٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ يَتَضَمَّنُ قَتْلَ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ لِوَاطًا لَمْ يَجُزْ، لِقُبْحِ الْكَذِبِ وَقُبْحِ التَّسَبُّبِ إلَى الْقَتْلِ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ جَازَتْ لِأَنَّ حُرْمَةَ نَفْسِ الشَّاهِدِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ مَا أُكْرِهَ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ، وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْحُكْمِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ.
الْمِثَالُ السَّادِسَ عَشَرَ: هِجْرَةُ الْمُسْلِمِ مُحَرَّمَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَفْسَدَةِ، لَكِنَّهَا جَازَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْ الْمُحْرَجِ الْغَضْبَانِ.
الْمِثَالُ السَّابِعَ عَشَرَ: الْحَجْرُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْتَقِلِّ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَنَافِعِ نَفْسِهِ مَفْسَدَةٌ، لَكِنَّهُ ثَبَتَ عَلَى النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ دَفْعًا لِمَشَقَّةِ مُبَاشَرَتِهِ عَنْهُنَّ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِي وَيَشْتَدُّ خَجَلُهَا مِنْ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا وَلَا سِيَّمَا الْمُسْتَحِيَاتُ الْخَضِرَاتِ.
وَكَذَلِكَ إجْبَارُ النِّسَاءِ عَلَى النِّكَاحِ مَفْسَدَةٌ، لِأَنَّهُ أَحَدُ الرِّقَّيْنِ، لَكِنَّهُ جَازَ فِي حَقِّ الْأَبْكَارِ الْأَصَاغِرِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى تَحْصِيلِ الْأَكْفَاءِ، إذْ لَا يَتَّفِقُ حُصُولُ الْأَكْفَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ.
الْمِثَالُ الثَّامِنَ عَشَرَ: الْحَجْرُ عَلَى الْمَرْضَى فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مَفْسَدَةٌ فِي
1 / 104