أن النظر إما أن يحمل على حقيقته وهو توجيه القوة الباصرة نحو المرئي، أو على مجازه وهو إما الانتظار أو الرؤية، والأول باطل لأن ذلك إنما يصح في حق ذي الجهة والله تعالى منزه عنها، والثاني أيضا باطل لأن النظر هنا مقرون بحرف إلى وبالوجوه، لأن الانتظار يكون سببا للغم والآية مسوقة لبيان النعمة، وذلك مانع من حمله على الانتظار، فتعين حمله على الرؤية إطلاقا لاسم السبب على المسبب.
والجواب إما عن تفسيرهم فنقول: إن سلمنا أن الحالة المفيدة للتفرقة غير عائدة إلى الانطباع أو إلى خروج الشعاع لكن لم لا يجوز أن تكون عبارة عما حصل للنفس من زيادة اليقين على العلم الأول، وذلك أن العلم مقول بالتشكيك لكن ذلك مشروط بالانطباع أو اتصال الشعاع بسطح المرئي الممتنعين في حق الله تعالى.
وعن معقولهم: لا نسلم أن صحة الرؤية تستدعي علة مشتركة، ولم لا يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين مختلفتين. سلماه لكن لم قلتم أنه لا مشترك بين الجوهر والعرض إلا الحدوث أو الوجود.
ثم إنا نتبرع بذكر مشترك آخر وهو الإمكان، وهو وإن كان أمرا اعتباريا إلا أن صحة الرؤية أيضا اعتبارية، وتعليل بعض الاعتبارات ببعضها جائز. سلمناه لكن لم قلتم أن الحدوث لا يصلح للعلية.
قوله " لأن العدم لا يكون جزء العلة " قلنا ليس جزء مفهوم الحدوث هو العدم بل كون الوجود مسبوقا به، وهو أمر اعتباري، فلا يمتنع أن يكون جزءا من علة صحة الرؤية. سلمناه، لكن لم قلتم أنه إذا كان الوجود في الجوهر والعرض علة لصحة الرؤية وجب في الباري كذلك. وبيانه: أن وجود الباري
Page 80