و إنما وقع التنازع في هذا لقول النبيء - عليه السلام -:» إذا زاد الماء على قلتين لم
يحتمل خبثا «(1)، ...
--------------------
أنهم وافقوهم على تحديد القليل دون الكثير، لأن تحديده بالحركة غير ظاهر فإنها تختلف، فالقلتان فما زاد كله كثير (2)؛ ويحتمل أن يكون اسم الإشارة راجعا إلى أصل المسألة، ويكون قولا ثالثا فيها وأنه ينجس قليلا كان أو كثيرا إذا كان راكدا، لكن هذا مخالف لظاهر الأحاديث، والله أعلم (3).
قوله وإنما وقع التنازع ... الخ: في كون ما ذكره من الأحاديث سببا للتنازع نظر، لأنها كلها تدل على أن قليل الماء ينجس ولو لم يتغير أحد أوصافه، [ولم يذكر دليل من قال إنه طاهر قليلا كان أو كثيرا إذا لم يتغير أحد أوصافه] (4)، فالأولى في سبب التنازع: هذه الأحاديث وقوله - صلى الله عليه وسلم -:» خلق الله الماء طهورا «الحديث (5)، ليكون دليلا لصاحب القول الأول؛ نعم الحديث الثالث يصلح دليلا لصاحب القول الثالث الذي لم يفرق بين القليل والكثير في النجاسة على الاحتمال الثاني في القولة السابقة، والله أعلم، فليحرر.
__________
(1) - تقدم تخريجه في صفحة: 64.
(2) - تحديد ذلك بالقلتين هو قول الشافعي كما أشار إليه المحشي قريبا، ودليله في ذلك الحديث؛ وتحديده بالحركة قول أبي حنيفة، وذلك من جهة القياس إذ اعتبر أن سريان النجاسة في جميع الماء بسريان الحركة؛ ومما علل به الفقهاء القائلون بهذا الرأي مذهبهم في تحديد القدر الكثير الذي ينجس بوقوع النجس فيه ظن استعمال النجس باستعمال الماء الواقع فيه. (ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد، 1/ 23؛ الشوكاني، نيل الأوطار، 1/ 40).
(3) - نعم هو قول ثالث في المسألة ذكر في "ديوان العزابة"، وهو مذهب الكوفيين، إذ أن النجاسة عندهم تفسد قليل الماء وكثيره إذا حلت فيه، إلا الماء المستبحر الذي لا يقدر آدمي على تحريك جميعه، قياسا على البحر الذي ورد فيه الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه الطهور ماؤه. (العزابة، الديوان، كتاب الطهارات، ظهر الورقة 05 (مخطوط )؛ ابن عبد البر، الاستذكار، 2/ 99).
(4) - سقط من: ب وج. ود وه.
(5) - تقدم تخريجه في صفحة: 39.
Page 66