الايمان، والوضوء، والصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والأحكام..."(1)، ففي ترجمة الباب هنا إشارة واضحة إلى ما يتضمنه الحديث، والقاعدة الناشئة عنه من الأبواب والأحكام.
وقد اتفقت كلمة جهابذة المحدثين والفقهاء على جلالة شأن هذا الحديث ولذلك درجوا على أن يستهلوا به كتب الحديث، وقال بعضهم ينبغي أن يجعل هذا الحديث رأس كل باب(2) . وقال ابن رجب -رحمه الله -: "هاتان كلمتان جامعتان وقاعدتان كليتان، لا يخرج عنهما شيء"(3) . والذي توخاه الفقهاء من وضع هذه القاعدة في ضوء الحديث المذكور هو بيان أن تصرفات الإنسان وأعماله تختلف أحكامها ونتائجها باختلاف مقصود الانسان من تلك التصرفات والأعمال، وبذلك تجد أن القاعدة تمثل المعاني التي تضمنها الحديث المذكور.
و نجد في كتاب الله والسنة المطهرة من الآيات والأحاديث الكثيرة التي تشهد لهذه القاعدة، ويمكن منها إدراك مزيد أهميتها وأثرها في الأعمال والتصرفات؛ منها ما نذكره فيما يلي باختصار تام.
يقول الله تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يذركه الموت فقد وقع أجره على الله، وكان الله غفورا رحيما)(4).
في هذه الآية إرشاد وتوجيه إلى إخلاص القصد والإرادة، قال الإمام اابن جرير الطبري في تفسير الآية المذكورة : "ومن يخرج مهاجرا من داره إلى له ورسوله، فقد استوجب ثواب هجرته باخترام المنية إياه"(5) . وقيل: إن نزول الآية في رجل كان من خزاعة، فلما أمروا بالهجرة، كان مريضا، فأمر أهله أن يفرشوا له
(2) فتح الباري شرح البخاري: 12/1.
(3) جامع العلوم والحكم، (ط. بيروت، دار المعرفة) : ص 11.
(4) سورة النساء: الآية 100.
(5) تفسير الطبري، (ط. مصر الثانية. مصطفى البابي الحلبي: 1373-1954م) : .238/ 283
Page 282