Principes de conduite vers Dieu
قواعد في السلوك الى الله تعالى
Genres
عنهما ? بل ربما غاب فيهما عن نفسه ؛ لغلبة نورهما ، فينسي نفسه ورؤيته برؤيتهما، فهل يمل مثل هذا عن رؤيتهما ? ولو مل لم يدعه شعاعهما عن الشعور بهما، والشعور بهما وذكرهما بما اتصفا به من الضياء والإشراق هو غاية وصفهما بما اتصفا به في حق من رآهما.
كذلك من أشرقت عليه شموس المعارف ؛ هل يدعه ذلك الإشراق عن الغيبة عنها ? ونظره إليها، وعلمه بها هو ذكره مولاه بها، بل هو شهوده مولاه بما اتصف به، وذلك غاية عبادة العابدين، بل نفس من مثل هؤلاء قد تعادل أمثال الجبال من عبادات المحجوبين.
فمثل هؤلاء؛ أي ملال يلحقهم? ولو فرضنا أنه مل من جلوسه في ضوئها؛ لم يجد في الكون ظلا يستره عنها، فيهرب من ضوئها إليه، فكيف إذا ارتفع الملال، ووجد لذة إشراقها، بل وجد حياة قلبه وروحه مرتبطا بذلك النور، لو حجب عنه لحظة للحقه كما يلحق الإنسان إذا حجب عن الهواء الذي به يقوم وجوده من الضيق والكرب، فذلك النور هو نسيم الأرواح، به يكون روحها في عالم الغيب، كما أن النسيم الظاهر به يتم روح الوجود الظاهر في عالم الشهادة.
فقد عرفت الفرق بين العابد والمشاهد؛ فالمشاهد كلما مل أو حجب فاض عليه أنوار الشهود، فابتهج بوجوده، فعاد إليه حاله، كمن يكون جالسا في الشمس؛ كلما غاب عنه شعوره بالشمس حضر فوجد الشمس معه، كذلك من وجد شمس المعرفة، فوجد أنه لها هو غاية
Page 261