والصنف الثاني منهم: الذين في قلوبهم مرض وهو شكوك الإرتياب، فهم الذين كانوا يتولون كفرة أهل الكتاب، كما قال سبحانه :{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دآئرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين} [المائدة:51 - 52]. فجعلهم تبارك وتعالى بتوليهم لهم منهم، وأخبر - بالعلة التي بها من مرض قلوبهم تولوهم- عنهم، ولو كان معها غيرها لذكره، ولأبانه منهم علانية وشهره، وإذا كانوا عند الله منهم، لزمهم عنده تبارك وتعالى ما لزمهم، وكان حكم المؤمنين ومن تولاهم حكمهم عليهم، وسيرتهم في الجهاد سيرتهم فيهم.
والصنف الثالث منهم: أهل إرجاف وعبث، وأذى للمؤمنين والمؤمنات ورفث، كانت ترجف بمكذوب الأحاديث وترهج، ليس لها دين ولا ورع ولا تحرج، ألا ولما كان لها في الإرجاف من الشغل به عنها، ويعنيها به لما أسخط الله منها، كانت تكثر فيه، وتجتمع عليه.
وهذه الفرقة فبقيتها بعد بالمدينة كثيرة معروفة، وبكل ما وصفها الله به من الإرجاف والعبث والرفث فموصوفة، تشاهد به مشاهدها، وتعمر به مساجدها، والله المستعان.
وكل هذه الفرق الثلاث جميعا، فقد أمر الله نبيه عليه السلام بقتلهم إن لم ينتهوا معا.
Page 177