Qasida Wa Sura
قصيدة وصورة: الشعر والتصوير عبر العصور
Genres
هذه الأمثلة وغيرها تبين أن العلاقة بين الشعر والرسم قد شغلت الشعراء والنقاد أكثر بكثير من العلاقة بين الشعر وسائر الفنون. ولسنا بحاجة للجوء إلى الإحصاءات لنعرف أن الشعراء قد كتبوا عن الرسم والرسامين أكثر مما كتبوا عن النحت والنحاتين والبناء والبنائين، وإن كان هذا لا يمنع أن تكون الفنون الأخيرة قد ألهمت عددا من الشعراء طائفة من أجمل قصائدهم، نذكر منهم هلدرين، ورامبو، ورلكه، وستيفان جئورجه. وتبقى الحقيقة مع ذلك ناصعة ساطعة الضوء؛ إن الشعر قد استوحى الرسم أكثر مما استوحى غيره من الفنون، ولن نجد - في الأدب الإنجليزي مثلا - قصيدة عن الرسم تفوق في روعتها وبساطتها قصيدة كيتس سابقة الذكر عن الوعاء الإغريقي، ويكفي أن نستشهد بأبيات من هذه القصيدة التي تبدأ هذه البداية:
أنت يا عروس السكون التي لم يمسسها أحد،
أنت يا من تبناها الصمت والزمان الوئيد،
يا راوية الغابات، يا من تستطيعين أن تحكي
قصة مزهرة أكثر عذوبة من أشعارنا ...
4
ويتساءل الشاعر عن الأسطورة التي صورت على جوانبها، هل هي لآلهة أم لبشر أم لعذارى متمنعات؟ وعن الطراد المجنون، والنضال للهرب، والمزامير والدفوف التي يسمع نغماتها العذبة في نشوة عارمة، يسمعها بأذن الروح لا بالأذن الحسية. ويبدأ في تصوير المشاهد التي يراها ويسمعها في آن واحد؛ فهناك الفتى الجميل الذي يجلس تحت الأشجار، لا يستطيع أن يترك أغنيته، كما لا تستطيع تلك الأشجار أن تتجرد من أوراقها. إنه هو المحب الجسور السعيد، وجسارته وسعادته ينبعان من قدرته على أن يعزف إلى الأبد أغاني جديدة أبدا. وإذا استحال عليه أن يقبل حبيبته فلا ينبغي عليه أن يستسلم للحزن، فسيظل يحب، وستظل هي جميلة إلى الأبد، وسيبقى حبه دافئا فتيا متساميا فوق كل العواطف الإنسانية، وسيبقى جمالها ربيعيا متجددا إلى الأبد. ثم يستطرد في وصف الموكب الذي يقوده كاهن غامض لتقديم التضحية على المذبح:
من هؤلاء القادمون إلى التضحية؟
إلى أي مذبح أخضر، أيها الكاهن الذي يلفه الغموض،
تقود هذه البقرة التي يرتفع خوارها إلى السماء،
Page inconnue