إلى أن قال: «ووضعت البطاقات في منزل آخر على بعد مائة ياردة، وحاول هيوبرت بيرس الذي كان يومئذ طالبا لعلم اللاهوت أن يميز البطاقات، فأسفرت التجربة عن ستين - يمكن أن ينسب إلى المصادفة - من ثلثمائة، أي عشرين في المائة، وعن 119 مرة أصاب فيها بيرس، أي ما يقرب من أربعين في المائة، وهي نسبة لا يمكن أن تعزى إلى المصادفة، إذ كانت مثل هذه المصادفات لا تتفق أكثر من مرة في كل ترليون، واحتمال التواطؤ بين الرجلين يدحضه إجراء التجارب بعد ذلك على مشهد مني.»
2
فإذا استمرت التحقيقات على هذه الوتيرة بقية السنين الأربعين من هذا، فالمنتظر أن تتم وسائل التأكد من المصادفة وغير المصادفة في هذه التجارب، وأن يتقرر الامتحان العلمي الذي تعرض عليه مباحث هذا العلم الجديد، وقد تثبت الوسائل المختارة وجود العوامل غير المحسوسة أو لا تثبتها ولا تنفيها، إذ كان من الواجب أن نفرق بين وسائل الكشف وبين الحقيقة المطلوب كشفها. فإن المنظورات والمسموعات كانت ملء الفضاء والهواء قبل أن تمسكها المصورة الشمسية وأجهزة الإذاعة، وليس في وسع العلم أن ينفي «المجردات» مع وجود الأثير مجردا من جميع صفات المادة، واقترابه بذلك من حدود المجردات الفكرية والنفسية. •••
ويرى أن الأستاذ راين حرص في كلمته على التنبيه إلى قيام الرواد في مباحث الظواهر النفسية من بين الأقطاب المشتغلين بالعلوم الطبيعية؛ لأن المشهور عن الباحثين في علوم الطبيعة أنهم أشد الباحثين إنكارا لما وراء الطبيعة، وما يشتمل عليه من المسائل الغيبية، خلافا للباحثين في مسائل علم النفس فإنهم أقرب العلماء إلى المسائل الروحية وأحراهم أن ينظروا إلى شئون الغيب بشيء من الترخص والسماحة الفكرية.
على أن المشاهد في السنوات الأخيرة أن كفة التردد في شئون الغيب تتحول من جانب الإيمان إلى جانب الإنكار بين أقطاب العلوم الطبيعية، فليس بالنادر بينهم من يستند إلى علمه في ترجيح الإيمان على الإنكار، بل لعل هؤلاء العلماء اليوم ينقسمون إلى فريقين لا تناقض بينهما في مسألة العقيدة الغيبية، إذ ينعقد الإجماع بينهم على أن العلم التجريبي وصاف غير كشاف، يجمع الوقائع ويرتبها ولا يتعدى الإحصاء والتقرير إلى كشف المجهول، والتعرض له بالنفي والاثبات، فهم بين مؤمن يرى في علمه ما يعزز إيمانه ويشجعه عليه، وبين واقف موقف الحيدة يترك الدعوى العلمية جانبا كلما عرض لشئون الغيب والعقيدة.
ومن علماء الطبيعة الذين يحق للقارئ أن يعتبرهم مثلا لأصحاب الإيمان المعزز بالعلم الأستاذ كريسي موريسون
Cressy Morrison
لأنه كان رئيسا لمجمع العلوم بنيويورك وعضوا دائما من أعضاء مجمع العلوم البريطانية، وزميلا في متحف التاريخ الطبيعي وركنا من أركان مجلس البحوث العلمية، وكتابه الذي سماه «الإنسان ليس وحيدا»
3
فحواه في بضع كلمات أن حقائق الوجود لا تقبل التفسير بغير تقرير وجود الخالق الحكيم.
Page inconnue