============================================================
القانسون الأهم فالأهم، والأقرب فالأقرب، وليتبع في السترتيب إشارة الشيخ، إن كان مشاركا، وإلا اشتغل بما عنده حتى يتقنه، إن لاق في الوقت، والا اشتغل باللائق، وطلب من يتقنه عليه.
الثاني: قيل ينبغي له أن يبادر اولا بالحديث، فيتقنه رواية ودراية، ويعرف مسانده ورجاله، وصحيحه وحسنه، ولغته وغير ذلك، لأنه جناح الفتيه الآخر، بعد كتاب الله تعالى العزيز قلت: وهذا احسن لو كان الوقت يساعده والعمر، وذلك غير موجود، ولاسيما في زماثآنا من وجهين: أحدهما، أن الهمم قاصرة، والفتن فائضة، وبركات الأعمار والأيام مرتفعة، فلو اشتثل طالب بالحديث رواية ودراية، لأفنى فيه قطعة عمره التي يسخو بها في طلب العلم، أو جميع عمره ولم يصل إلى شيء آخر، بل لو اشتثل بالرواية وحدها، لذهب عمره فيها وخرج صيدلانيا ثانيهما، أن الرواية قد انقطعت فالبا اليوم من صدور الرجال، فاكتفى الناس بما في بطون الدفاتر، المصنفات فيها وفي أحكامها ورجالها، بما في علوم 13 الحديث وتراجم أهله، مع أنه قد ذهب أيضا الاستنباط ( والاستدلال بسالحديث، إلا ايضاحا وتأبيدا، وذهب النسور الذي كان يقذف في قلوب السلف، ويستغنون به عن الاصطلاحات والقواعد، فيمهرون في الكتاب والسنة إذا نظروا فيهما.
فالأؤلى بالطالب اليوم، أن يبدا بكتاب الله تعالى كما قلنا تبركا وتنويرا، وتنبها1 لما لابد منه، ولا يطلب التغلغل في علومه أولا، لأن ذلك يذهب بعمره، مع أنه غالبا لا يصل الى تحقيق ذلك، قبل أن يستعين عليه بعلوم أخرى، ثم يأخذ في القواعد اللغوية والعقلية، حتى إذا تضلع منها، أقبل على العلوم الشرعية دليلا ومدلولا، أصلا وفرعا، وتقدم تفصيلها، فإن افنى نفيس عمره في ذلك، فنعمت التجارة، والعلوم كثيرة لا بسع العمر التبحر فيها كلها، إلا أن تخرق العادة لأحد، فليأخذ من كل فن أحسنه، ولابد منه فيه، 1- ورد في ج: وتنبيها.
Page 393