لا تملك الأشياء الخارجية القوة لتشكل الأفكار بداخلي؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وأنا مقتنع كذلك بأني لست أنا الذي أمنحها لنفسي؛ لأنها تولد دون أوامري. من ينتجها إذا بداخلي؟ من أين تأتي؟ إلى أين تذهب؟ أيتها الأشباح الهاربة، أي يد خفية تخلقك وتجعلك تختفين؟
لماذا لدى الإنسان وحده من دون كل الحيوانات ذلك الهوس بالسيطرة على أخيه الإنسان؟
لماذا وكيف أمكن تقديم أكثر من تسعة وتسعين من أصل مائة مليار من البشر قربانا لذلك الجنون؟
كيف يكون التعقل منحة نفيسة لا نخسرها مقابل أي شيء في العالم، وكيف لم يجد هذا العقل إلا في جعلنا أكثر الكائنات تعاسة؟
من أين يأتي أننا إذ نحب الحقيقة بشغف نسلم دوما لأكثر الخدع جسامة؟
لماذا تظل الحياة محبوبة لأولئك الهنود الذين خدعهم البوذيون واستعبدوهم، وسحقهم أسلاف رجل تتري، وحملوا عملا فوق طاقتهم، وهم يئنون في عوز، وتجتاحهم الأمراض، وينكشفون لكل متجبر؟
من أين يأتي الشر ولماذا يوجد الشر؟
أيا ذرات اليوم! أيا رفيقاتي في الفراغ اللانهائي، المولودات مثلي لمعاناة كل شيء، وللجهل بكل شيء، أيوجد بينكم مجانين بما يكفي ليعتقدوا بأنهم يعرفون كل هذه الأمور؟ لا، لا يوجد؛ ففي قرارة قلوبكم تشعرون بتفاهتكم كما أحكم بالعدل على تفاهتي. لكنكم مكابرون بما يكفي لترغبوا في أن يعتنق الناس نظرياتكم الباطلة؛ وبينما لا تستطيعون أن تكونوا طغاة على أجسادنا، تزعمون أنكم طغاة على أرواحنا.
المزدرون
من هم المزدرون؟ إنهم من يمنحون لحية بيضاء وأقداما وأذرعا إلى كائن الكوائن، إلى الخالق العظيم؛ إلى الذكاء الأبدي الذي به يحكم العالم. لكنهم فقط مزدرون معذورون، أناس مزدرون مساكين لا يجب أن نغضب منهم.
Page inconnue